عبد مكبلين في الأصفاد، ومن نصيب البابا منح دون جوان ١٧ عبداً مكافأة شريفة لقاء خدماته (١٦). ورغب بعض الزعماء المسيحيين في الاحتفاظ بالأرقاء المسيحيين الذين حرروا من السفن التركية، ولكن البابا بيوس الخامس حرم هذا التصرف (١٧).
وابتهجت أوربا الكاثوليكية بأسرها حين وصلت أنباء النصر. وازدانت البندقية بأكاليل الزهر والتحف الفنية، وتبادل الرجال القبلات في الشوارع، ورسم تيشيان وتنتورنو وفيرونيز لوحات ضخمة عن المعركة، واحتفل بالقائد الفينيسي سباستيان فنييرو أياماً وليالي كثيرة، وأخيراً اختبر لتولي منصب "الدوج"(القاضي الأول في جمهورية البندقية). أما في روما، حيث قضى رجال الدين وعامة الناس ساعات كل يوم في الصلوات وأحر الدعوات منذ غادر الأرمادا مسينا، فقد تعالت صيحات "الشكر للرب" في مرح وابتهاج وارتياح، وكاد البابا بيوس الخامس، منظم النصر، أن يرفع دون جوان إلى مرتبة القديسين وأطلق عليه عبارة الإنجيل "هناك رجل أرسل من عند الله اسمه يوحنا"(إنجيل يوحنا، ١: ٦) وتليت القداسات وأطلقت الألعاب النارية، ودوت طلقات المدافع. ورجا البابا من المنتصرين أن يحشدوا أسطولاً آخر، وتوسل إلى حكام أوربا أن ينتهزوا الفرصة ليتحدوا في حرب صليبية لطرد الأتراك من أوربا ومن الأرض المقدسة. وأهاب بشاه إيران، وبأمير اليمين السعيد أن ينضما إلى المسيحيين للانقضاض على الأتراك (١٨). ولكن فرنسا الحاقدة على أسبانيا اقترحت على السلطان، عقب ليبنتو مباشرة، تحالفاً مباشراً ضد فيليب الثاني (١٩)(١).
(١) في عام ١٥٣٦ حصلت فرنسا من تركيا على أولى "الامتيازات". وجددت في ١٥٦٩ ولمتكن تنازلات بل معاهدة اتفق بمقتضاها، أساساً، على أن يعامل الرعايا الفرنسيون في الأراضي التركية، ويحاكموا وفق القانون الفرنسي "القضاء خارج أراضي الدولة" ووقعت تركيا مثل هذه الامتيازات مع إنجلترا في ١٥٨٠، ومع المقاطعات المتحدة (في الأراضي الوطيئة) في ١٦١٣.