عيسى بن إسحق الأصفهاني ثورة أخرى مثلها امتشق فيها عشرة آلاف يهودي الحسام، واستبسلوا في الحرب بقيادته، ولكنهم هزموا، وقتل ابن عيسى في المعركة وعوقب جميع يهود أصفهان بلا تمييز بينهم لانضمامهم إليه. ولما أثارت الحملة الصليبية الأولى ثائرة أوربا حسبت الجماعات اليهودية أن انتصار المسيحيين سيعيد فلسطين إلى اليهود (١١٢)، ولكنهم أفاقوا من أحلامهم على سلسلة من المذابح المدبرة. وفي عام ١١٦٠ أثار دافيد الرؤى يهود العراق إذ نادى فيهم أنه هو المسيح المنتظر وأنه سيعود بهم إلى أورشليم ويرد إليهم حريتهم؛ لكن حماه خشي أن يحيق الهلاك باليهود بسبب هذه الأفكار فما كان منه إلا أن ذبحه وهو نائم. ثم ظهر مسيح آخر في جنوبي جزيرة العرب عام ١٢٢٥ وأثار اليهود إثارة حمقاء. وكتب ابن ميمون "رسالة إلى الجنوب" ذائعة الصيت فند فيها مزاعم هذا الداعي، وذكر يهود العرب بما أعقب هذه المحاولات الطائشة في ماضي الأيام من هلاك ودمار (١١٣)، ولكنه رغم هذا ارتضى الأمل في المسيح المنتظر، على أنه دعامة لا بد منها للروح اليهودية في تشتتهم، وجعل هذا الأمل إحدى العقائد الثلاث عشرة الأساسية في الديانة اليهودية (١١٤).