وأصبح أكثر شعراء زمانه شعبية، وعمر بعد ملتون، ومات في سريره ١٦٨٧ وهو في سن الواحدة والثمانين. ودخل البرلمان في السادسة عشرة من عمره، وأصابته لوثة من الجنون في سن الثالثة والعشرين، ثم شفي وتزوج في سن الخامسة والعشرين من سيدة في لندن آلت إليها ثروة ضخمة، واراها التراب بعد ثلاث سنوات من زواجهما. وسرعان ما تودد إلى ساكاريسا (ليدي دوروثي سدني)، بأسلوب جديد لموضوع قديم.
اذهبي أيتها الوردة الجميلة، وأبلغي هذه التي تضيع
وقتها وتضيعني، إنها الآن تعرف حق المعرفة أني
إذ أشبهها بك، كم يبدو هي جميلة فاتنة.
أبلغيها، وهي في ريعان الشباب، وتتجنب أن يختلس
أحد النظر إلى مفاتنها، أنك لو كنت (أيتها الوردة)،
نشأت في الصحراء، حيث لا يقطن إنسان، لأصابك الذبول
دون أنه يتغنى أحد بجمالك ....
ثم تفنى تلك التي نقرأ فيها المصير المشترك لكل ما هو
فذ نادر، وما أقصر الأيام التي نقضيها مع ربات الحسن
الرائع والجمال المذهل.
وثمة شاعر آخر يكاد يكون من الشعراء الأقل شأناً يدخل في زمرة شعراء هذه الحقبة، وهو ريتشارد كراشو، الذي امتلأ بالحماس الديني أكثر مما أغرم بمتاع الدنيا. وكتب والده، وهو من رجال الكنيسة الأنجليكانية، مقالات ضد الكاثوليكية، وملأ قلب ابنه بالمخاوف من البابوية. ولكن ريتشارد اعتنق الكاثوليكية، وفصل من كمبردج (١٦٤٤) لمناصرته الملك، فهرب من إنجلترا إلى باريس. وهناك تعزى عن فقره "بتجليات الذات الإلهية"، كان المتصوفة الأسبان في نظره كشفاً مقدساً عن النشوة والورع. وحين وقف أمام صورة للقديسة تيريزا غبطها على ما ظفرت به من اختراق سهم المسيح قلبها، وتوسل إليها أن تقبله تلميذاً لها، منكراً لذاته: