الأعصاب، وجواباً شريداً في الجسد والروح. وكان يعوزه ذلك الاهتمام بالأطفال الذي يجعل الأب صاحباً رزيناً، ولم تكتمل رجولته قط.
في نحو هذه الفترة أسعده الحظ بأن يجد وظيفة مريحة. فقد اشتغل سكرتيراً لمدام دويان، ثم لابن أخيها. وحين أصبح دويان دفرانكوي أميناً عاماً للصندوق رقى روسو صرافاً براتب ألف فرنك في السنة. واتخذ الآن الضفيرة الذهبية، والجوارب الجوارب البيض، والباروكة، والسيف، كلها شارات حاكا بها الأدباء ثياب الطبقة الأرستقراطية ليجدوا طريقهم إلى بيوت النبلاء (٦٠). وفي وسعنا أن نتصور ضيقه بشخصيته المنقسمة على ذاتها. وقد أستقبل في عدة صالونات وصنع أصدقاء جدد، منهم رينال، ومارمونيتل، ودوكلو، ومدام دينيه، ثم فريدرش ملشيور جريم، الذي ارتبط به ارتباطاً حميماً جداً ومؤذياً جداً. وأختلف إلى حفلات العشاء المثيرة في بيت البارون دولباخ حيث كان ديدرو يقتل الآلهة بسلاح سماه خصومه فك حمار. في وكر الملحدين ذاك ذاب وتلاشى جل كثلكة جان-جاك.
وألف الموسيقى خلال ذلك. وكان قد بدأ في ١٧٤٣ مزيجاً من الأوبرا والباليه سماه "ربات الفنون الرشيقات" يحي به غراميات أناكربون، وأوفيد، وتاسو، وأخرجت الأوبرا في ١٧٤٥ محدثة بعض الضجة في بيت جابي الضرائب لابولفيير، وقد سخر منها رامو وزعم إنها محاكاة لإنتحالات من الملحنين الإيطاليين، ولكن الدوق رشليو أعجب بها وعهد إلى روسو بتنقيح أوبرا وباليه تسمى "أعياد رامير" أعدها رامو وفولتير على سبيل التجربة. وفي ١١ ديسمبر ١٧٤٥ كتب روسو أول رسالة لأمير أدباء فرنسا:
"لقد ظللت خمسة عشرة عاماً أكد وأكدح لأجعل نفسي جديراً باحترامك وبالعطف الذي تحبو به شباب الأدباء الذين تكتشف فيهم الموهبة. ولكني بفضل كتابتي موسيقى إحدى الأوبرات أجدني قد انقلبت موسيقياً. وأياً كان النجاح الذي تحققه جهودي الضعيفة فإنها ستكون في نظري جهوداً