ولكن القساوسة المحليين كانوا قد اكتشفوا ما في "إميل" و"خطابات الجبل" من هرطقات، ورأوها فضيحة أن يمضي هذا الوحش في تلويث سويسرا بوجوده فيها. ورغبة في تهدئة ثائرتهم عرض (١٠ مارس ١٧٦٥) أن يتعهد، في وثيقة رسمية "بألا ينشر أبداً أي كتاب جديد في أي موضوع ديني، لا بل أن يتناوله عرضاً في أي كتاب جديد آخر … وأكثر من ذلك أنني سأظل شاهداً، بمشاعري وسلوكي، بالقيمة العظمى التي أعلقها على سعادة الاتحاد بالكنيسة (٨٣) ". واستدعاه مجمع كنيسة نوشاتل للمثول أمامه والرد على تهم الهرطقة الموجهة إليه، فالتمس إعفاءه:"يستحيل على رغم صدق نيتي أن أحتمل جلسة طويلة (٨٤) وهو ما كان الحقيقة المؤلمة". وانقلب عليه راعي كنيسته، وندد به في مواعظ علنية متهماً إياه بأنه عدو المسيح (٨٥). وألهبت هجمات القساوسة شعب أبرشياتهم، فراح بعض القرويين يحصبون روسو إذا خرج للتمشي. وقرب نصف ليلة ٦ - ٧ سبتمبر أيقظته هو وتريز حجارة تقذف على جدرانهما وتحطم نوافذهما. وأخترق حجر كبير الزجاج وسقط عند قدمه. واستدعى جار له-وكان موظفاً في القرية-بعض الحراس لإنقاذه، وتفرق الجمع، ولكن أصدقاء روسو الباقين في موتييه نصحوه بأن يبرح المدينة.
وأتته عدة عروض تقد له الملجأ "ولكني كنت متعلقاً بسويسرا تعلقاً منعني من أن أصمم على الرحيل عنها ما دام في استطاعتي العيش فيها (٨٦) ". وكان قد زار قبل عام "الأيل دسان-بيير"، الجزيرة الصغيرة الواقعة وسط بحيرة بيين، ولم يكن على الجزيرة سوى بيت واحد-هو بيت الوكيل، وخيل لروسو أن المكان بقعة مثالية لعاشق للعزلة يكرره الناس. وكان يقع في كانتون برن التي طردته قبل عامين، ولكنه تلقى تأكيدات غير رسمية بأن في استطاعته الانتقال إلى الجزيرة دون أن يغشى الاعتقال (٨٧).
وهكذا، حوالي منتصف سبتمبر ١٧٦٥؛ بعد ستة وعشرين شهراً في موتييه؛ ترك هو وتريز المنزل الذي أصبح عزيزاً عليهما وذهبا للإقامة مع