"التهم الموجهة للترجمة لا يمكن إثباتها في تحقيق منصف"(١٦٤). ومعظم العيوب التي أخذها هوكنز على جونسن لاحظها غيره من معاصريه.
ثم عادت المسز بيوتزي إلى المأدبة بكتاب عنوانه "رسائل متبادلة مع المغفور له صموئيل جونسن"(١٧٨٨)، وكلها ساحر، لأن رسائل جونسن (فيما خلا الأخيرة التي كتبها لسيدته الضالة) كانت تفوق حديثه كثيراً في إنسانيتها. وكان بوزويل خلال ذلك عاكفاً بصير فيما بين قضاياه ومجالس خمره على تأليف سيرة عقد العزم على أن يجعلها نسيج وحدها. وكان قد بدد في التسجيل مذكرات بأحاديث جونسن عقب لقائهما الأول (١٧٦٣)، ثم خطط للسيرة في تاريخ مبكر (١٧٧٢). غير أن الحبل بهذا الجنين كان غاية في الطول والمشقة. ذلك أنه قلما كان يدون الملاحظات من فوره، ولم يكن يعرف الاختزال، ولكنه اتخذ مبدأ هو أن يدون على عجل وباختصار بمجرد عودته إلى حجرته ما يذكره عما حدث أو قيل. وبدأ كتابة "سيرة صموئيل جونسن" بلندن في ٩ يوليو ١٧٨٦ وتنقل بين أرجاء المدينة باحثاً عن المعلومات يستقيها ممن بقي على قيد الحياة من أصحاب جونسن. وأعانه إدموند مالون، الأديب المتخصص في شكسبير، على فرز وتصنيف ذلك الحشد الضخم المضطرب من المذكرات، وشد أزره ودعم شجاعته حين بدا أنه يوشك أن يستسلم للنساء والشراب بعد أن هده الفجور والحزن وموت زوجته. كتب بوزويل في ١٧٨٩ - "لن تستطيع أن تتصور أي عناء، وأي حيرة، وأي غيظ تحملته في ترتيب عدد هائل من المواد، وفي ملء الفراغات، وفي البحث عن اوراق مدفونة بين أشتات من الأكداس، وكل هذا بالإضافة إلى عناء التأليف والتهذيب. وكثيراً ما فكرت في التخلي عن هذه المهمة"(١٦٥). وقد اقتبس من كتاب وليم ميسن "سيرة جراي ورسائله"(١٧٧٤) فكرة بث رسائل بطله في ثنايا القصة. وقد كدس التفاصيل عمداً، لشعوره بأنها تضيف إلى الصورة الكاملة الحية. ثم نسجت من هذه الأشتات مسلسلة التواريخ وكل متكامل.
فهل كان دقيقاً؟ هذا ما زعمه. "لقد توخيت الدقة البالغة في التسجيل