للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسيق المعتمد أسير حرب إلى طنجة، وتلقى وهو فيها رسالة من أحد شعرائها وهو الحصري حَوت أبياتاً من الشعر يثني فيها عليه ويسأله العطاء. ولم يكن الأمير المغلوب على أمره يملك من متاع الدنيا في ذلك الوقت أكثر من خمسة وثلاثين ديناراً بعث بها إلى الحصري وأعتذر له عن قلتها (١). ثم نقل المعتمد إلى أغمات القريبة من مدينة مراكش وعاش فيها بعض الوقت مكبلاً بالأغلال، فقيراً معدماً، ولم ينقطع عن قول الشعر حتى مماته (١٠٩٥). ومن قصائده قصيدة خليقة بأن تنقش على قبره:

أرى الدنيا الدنية لا تواتى فأجمل في التصرف والطلاب

ولا يغررك منها حسن برد له علمان من ذهب الذهاب

فأولها رجاء من سرابٍ وآخرها رداء من تراب (٢).


(١) الحصري هو صاحب "زهر الآداب" وهو الذي استجدا ابن عباد في منفاه، وكان فقيراً، فأخذت ابن عباد أريحيته وبعث إليه بكل ما معه، وبعث مع ذلك بقطعة يعتذر فيها عن قلة ما منحه وأستبشع مؤرخو الأدب فعلة الحصري وقالوا: "أنه جرى مع المعتمد على سوء عادته من قبح الكدية وإفراط الإلحاف" وقد قال المعتمد نفسه فسر هذا المعنى: سألوا اليسرا من الأسير وإنه؛ بسؤالهم لأحق منهم فأعب .. لولا الحياء وغزة الحمية؛ طي الحشا لحكاهم في المطلب .. (من الجزء الثالث من ظهر الإسلام للمرحوم الدكتور أحمد أمين) (المترجم)
(٢) هذه هي أقرب أبيات وجدناها في أشعار المعتمد إلى الأصل الإنجليزي وقد يكون في الترجمة الإنجليزية بعض التصرف الذي تحتمه ترجمة الشعر العربي إلى شعر إنجليزي. (المترجم)