للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتقى بجيش ألفنسو عند الزلاقة القريبة من بطليوس (١٠٨٦). (بدجوز Badaioz) . وبعث ألفنسو برسالة رقيقة إلى يوسف يقول فيها: "إن غداً (الجمعة) يوم عيد عندكم، ويوم الأحد عيد عندنا، ولهذا فإني أقترح أن تدور المعركة في يوم السبت". ووافق يوسف على هذا الاقتراح ولكن ألفنسو هجم على المسلمين في يوم الجمعة. وأظهر يوسف والمعتمد في الحرب كثيراً من ضروب البسالة، وأحتفل المسلمون بعيدهم بقتل عدد كبير من المسيحيين، ولم ينج ألفنسو وخمسمائة من رجاله من الموت إلا بشق الأنفس. ودهشت أسبانيا حين عاد يوسف إلى إفريقية دون أن يغنم شيئاً ..

ولكنه عاد بعد أربع سنين. وكان سبب رجوعه أن المعتمد ألح عليه بأن يقضي على قوة ألفنسو الذي كان يحشد الجيوش ليهاجم المسلمين من جديد. والتقى يوسف بالمسيحيين في مواقع غير حاسمة، وبسط سلطانه على بلاد الأندلس الإسلامية. ورحب به الفقراء لأن من طبعهم على الدوام أن يفضلوا السيد الجديد على القديم، وعارضته الطبقات المتعلمة لأنه في نظرهم يمثل الرجعية الدينية، وابتهج رجال الدين بمقدمه. واستولى يوسف على غرناطة من غير مقاومة، وأكتسب محبة أهلها بإلغاء جميع الضرائب التي لا ينص عليها القرآن (١٠٩٠). وعقد المعتمد وغيره من الأمراء فيما بينهم حلفاً لمقاومته، كما عقدوا حلفاً مقدساً! مع ألفنسو. وحاصر يوسف قرطبة وأسلمها إليه أهلها، ثم حاصر إشبيلية ودافع عنها المعتمد دفاع الأبطال، ورأى بعينيه ولده يقتل في الدفاع عنها، فحزن لموته حزناً هد ركنه واستسلم للمحاصرين (١)، ولم يحل عام ١٠٩١ حتى سقطت جميع الأندلس ماعدا سرقطة في يد يوسف بن تاشفين، وأصبحت أسبانيا الإسلامية ولاية تابعة لإفريقية.


(١) المعروف أنه كان للمعتمد ولدان هما المعتمد بالله والراضي بالله وأنعما قتلا غيلة وله في رثائهما شعر كثير. أنظر الجزء الثالث من ضحى الإسلام للمرحوم الدكتور أحمد أمين. (المترجم)