للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معظم الدول التي انضمت فيما بعد في تحالف لخلعه (٤٦) " ولكن الإمبراطور ليوبولد أحس بأن هذا الاتحاد الفعلي بين فرنسا وأسبانيا، لا بد أن يكون، إذا تهيأت له أسباب البقاء والاستمرار، كارثة على أسرة هبسبرج التي ألفت منذ أمد طويل أن تحكم الإمبراطورية الرومانية المقدسة والإمبراطورية الأسبانية كلتيهما. وعكس الكتاب استياءه فأهاجوا الرأي العام في النمسا وعبروا عنه، مرددين أن شارل الثاني لم يكن في كامل قواه العقلية حين أوصى بأسبانيا لعدوتها القديمة، وزعموا أن تشريح جثة الملك أظهر حقاً أن قلبه ومخه كانا مصابين بشكل خطير، ومن ثم تكون وصيته باطلة لاغية، وتكون ممتلكات أسبانيا تابعة للإمبراطور ليوبولد، بمقتضى حقوق أمه وزوجته التي لم يحدث أي تخل أو تنازل عنها. واستحث ليوبولد حليفيه السابقين هولندا وإنجلترا إلى إنكار أو سحب اعترافهما بفيليب الخامس. حتى ولو كان هذا يعني حرباً.

وكان زعيم المقاطعات المتحدة في هذا الوقت أنطونيوس هينسيوس الذي كان قد اختير حاكماً بعد رحيل وليم إلى إنجلترا، وكان في سابق أيامه مبعوثاً هولندياً إلى فرنسا، وهدده لوفوا بإلقاء القبض عليه، خرقاً للحصانة الدبلوماسية، ولم ينس قط هذه الإساءة، وأقام الآن، وقد بلغ التاسعة والخمسين، في دار متواضعة في لاهاي، وأحب المكتب، وسار يومياً على قدميه إلى مكتبه، واشتغل عشر ساعات في اليوم، وكان بمثابة تحد صارخ من جانب البساطة البرجوازية والحكومية الجمهورية للأرستقراطيين المترفين والملوك المستبدين. وفي نوفمبر ١٧٠٠، وبتوجيه من الجمعية الوطنية الهولندية، أرسل أنطونيوس هذا إلى الملك لويس الرابع عشر مذكرة يرجوه فيها رفض وصية شارل الثاني باعتبارها ضارة أبلغ الضرر بالإمبراطور، والعودة إلى سياسة التقسيم. ضرورياً حتمياً هو تكرار رفض الإمبراطور لأي مشروع للتقسيم، وتأكد فرنسا من أن الإمبراطور سيقبل العرض الأسباني إذا هي رفضته.

وزادت تصرفات لويس من خوف أوربا من قوة فرنسا. ففي أول فبراير ١٧٠١ حمل برلمان باريس على تسجيل مرسوم ملكي ينص على المحافظة على الحقوق التي يمكن أن تنشأ لفيليب وأعقابه في تاج فرنسا.