وظل صديقه تيك Tieck (١٧٧٣ - ١٨٥٣) طوال ثمانين عاما يلعب مباراة خطرة (فيها مخاطرة) إذ راح يؤيد المشاعر في مواجهة العقل، ويؤيد الخيال في مواجهة الواقع. لقد كان هو وفاكنرودر قد درسا الدراما في العصر الإليزابيثي والفن في العصور الوسطى، وابتهجا لسقوط الباستيل. إلا أن تيك كان يختلف عن فاكنرودر في عدة أمور منها أنه كان يتمتع بروح الفكاهة ونزعة للعب. لقد شعر أن الحياة مباراة يلعبها الأرباب مع الملوك والملكات والأساقفة والفرسان والحصون والكاتدرائيات، والرهانات متواضعة (بسيطة)، أو بتعبير آخر جائزة الفائز في المباراة بسيطة.
وعندما عاد لمسقط رأسه برلين بعد أن قضى أيام الجامعة نشر في الفترة من ١٧٩٥ إلى ١٧٩٦ رواية في ثلاثة مجلدات (Die Geschichte des Herrn William Lovell) كتبها على نمط أسلوب ريتشاردسون، ووصف فيها بتفاصيل حساسة العلاقات الجنسية والانتقالات بين ربوع الفكر لشاب تخلى عن الأخلاق المسيحية واللاهوت المسيحي وانتهى إلى أنه ما دامت النفس - على وفق نظرية المعرفة عند فيشته - هي الحقيقة الوحيدة التي يمكننا معرفتها بشكل مباشر، فلتكن إذن هذه النفس (الذات) هي معيار الأخلاق وواضع القوانين:
لا توجد كل الأشياء إلا لأنني أفكر فيها، ولا وجود للفضيلة إلا لأنني أظن وجودها (أفكر فيها) .... الحق أقول لكم إن الرغبة الجنسية هي السر الكبير لوجودنا. فالشعر والفن، بل وحتى الدين، هي مجرد شهوة جنسية مقنّعة. وأعمال النحاتين وشخوص الشعراء ورسوم الفنانين التي نركع أمامها ليست سوى مقدمة للمباهج الحسية ..
إنني أشفق على الأغبياء الذين يثرثرون ثرثرة المعتوهين عن الإثم والفسوق اللذين ترتكبهما حواسنا. وإنهم بائسون مصابون بالعمى. إنهم يقدمون الأضاحي لرب عنين (عاجز جنسيا) لا يمكن أن تسعد عطاياه قلب الإنسان … لا، إنني وهبت نفسي لخدمة إله أعلى تنحني أمامه كل الخلائق، إله يوحّد في طياته كل مشاعر الطرب والنشوة والحب وكل شيء … ففي أحضان لويزا فقط عرفت ما هو الحب، وذكرى أميليا Amelia تبدو لي الآن على البعد باهتة قليلا يغلفها الضباب.