الفرنسيين جماع الرذائل. أما دبوا فأحس بأنه لم يكافأ بما يكفي جزاء على خدماته لفرنسا، واستخدم المال الفرنسي ليُجلِس على عرش البابوية مرشحاً تعهد بأن يبعث إليه بقبعة حمراء (أي قبعة الكردينال). وأوفى إنوسنت الثالث عشر بوعده وهو آسف، وأصبح رئيس الأساقفة الكردينال دبوا (١٦ يوليو ١٧٢١). وبعد سنة عين وزيراً أول للملكة براتب قدره ١٠٠. ٠٠٠ جنيه. وإذا كان يتقاضى إيراداً قدره ١٢٠. ٠٠٠ جنيه من منصب رئيس الأساقفة، و٢٠٤. ٠٠٠ من سبعة أديرة، و١٠٠. ٠٠٠ من نظارته على البريد، ومعاشاً إنجليزياً قدّره سيمون بمبلغ ٩٦٠. ٠٠٠، فقد بلغ إيراده السنوي الآن نحو ١. ٥٠٠. ٠٠٠ جنيه (٩١). ولم يكن له من هم إلا خوفه من أن ترفض زوجته-التي كانت لا تزال على قيد الحياة-ما يبعثه إليها من الرشا، وتكشف عن وجودها، وتبطل بذلك مناصبه الكنسية (٩٢).
ولكن الزمن أدركه. ففي ٥ فبراير ١٧٢٣ بلغ لويس الخامس عشر سن الرشد وانتهى عهد الوصاية. وحين كان الملك لا يتجاوز الثالثة عشرة، وكان ينعم بالعيش في فرساي، طلب إلى فليب أن يواصل حكمه للمملكة، وظل دبوا أكبر مساعدي فليب. ولكن حدث في أول أغسطس أن انفجرت مثانة الكردينال، ومات فجأة وهو مثقل بأمواله. واضطلع فليب بالإدارة، ولكن فسحة أجله هو أيضاً انتهت. ذلك أنه بعد أن أتخم بالنساء، وتخدّر بإدمان السكر، وكف بصره، وفقد حتى عاداته المهذبة، تقبل في نصف وعي، ازدراء الناس لذلك النظام الذي بدأ في جو شامل من الود والارتياح، وقارب نهايته في انحدار رسمي واحتقار شعبي. وأنذره الأطباء بأن أسلوب حياته سيقضي عليه، ولكنه لم يكترث، فلقد أترع بخمر الحياة حتى الثمالة، ومات بنوبة فالج في ٢ ديسمبر ١٧٢٣، وتلقفته ذراعاً خليلته مؤقتاً. وكان يومها في التاسعة والأربعين.
على أن فليب أورليان لا يقع من نفوسنا موقع الرجل الشرير برغم تعدد آثامه. فرذائله رذائل الجسد لا النفس: كان متلافاً سكيراً فاسقاً، ولكنه لم يكن أنانياً، ولا قاسياً، ولا خسيساً، بل كان رحيماً، شجاعاً، لطيفاً. كسب مملكة بمقامرة، وتركها بقلب خلي ويد مبسوطة. وقد