للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع عشر الرابع عشر تفضيله كفاية البرجوازيين على عجز الإشراف في إدارة الحكومة، ولا رفعه الأبناء والحفدة الملكيين غير الشرعيين فوق "الأدواق والنبلاء" في مراسم البلاط وولاية العرش. يقول لنا في أول سبتمبر ١٧١٥:

"نمى إليَّ نبأ موت الملك حيث استيقظت. فذهبت من فوري لتقديم احترامي للملك الجديد .. ومن هناك ذهبت إلى دوق أورليان، وذكرته بوعد قطعه على نفسه، وهو أن يسمح للأدواق بأن يحتفظوا بقبعاتهم على رءوسهم حين يطلب إليهم التصويت (٨٣) ".

وقد أخلص في حب الوصي، وخدمه في مجلس الدولة، ونصحه بالاعتدال في أمر خليلاته، وواساه في أحزانه وهزائمه. وإذ كان على كثب من الأحداث مدى خمسين عاماً، فقد بدأ تسجيلها في ١٦٩٤ - من زاوية طبقته-منذ مولده عام ١٦٧٥ إلى وفاة الوصي عام ١٧٢٣. أما هو فقد مد في أجله إلى عام ١٧٥٥، حتى أدرك عهداً لا يوافق طبيعته. وقد حكمت عليه المركيزة كريكي بأنه "غراب مريض هرم، يحرقه الحسد ويأكله الغرور (٨٤) ". ولكنها كانت تكتب مذكرات مثله، ولم تطق تشبثه بالحياة.

فأما الدوق الثرثار فكان دائماً متحيزاً، وكثيراً ما كان ظالماً في أحكامه، ومرات مهملاً في التاريخ (٨٥)، وأحياناً غير دقيق الرواية عن وعي (٨٦)، كان يتجاهل كل شيء إلا السياسة، ويتوه بين الحين والحين في ثرثرة لا غناء فيها عن الأرستقراطية، ولكن مجلداته العشرين سجلّ مفصّل نفيس لكاتب ذي عين لماحة ثاقبة وقلم سيال، فهي تمكننا من أن نرى مدام دمانتنون، فنيلون، وفليب أورليان، وسان-سيمون، رؤية ناصعة نابضة بالحياة، وسان-سيمون يقرب في هذا من بوريين إذ يتيح لنا رؤية نابليون. ورغبة في إطلاق العنان لتحيزه، حاول أن يخفي مذكرته، ومنع نشرها قبل أن ينقضي قرن على موته، ولم يصل منها شيء للمطبعة حتى عام ١٧٨١، وكثير منها لم يصلها قبل عام ١٨٣٠. ومن بين جميع المذكرات التي تنير لنا تاريخ فرنسا تقف هذه المذكرات على القمة دون منازع.