الثمانين من عمره، ويعيش في رخاء لا بأس به في البلدة التي كانت مسقط رأسه. واختير وهو في الثالثة والثمانين من عمره وللمرة الأخيرة في حياته عضواً في مجلس حكام أقرطونة ثم مات في عام ١٥٢٤.
وبعد، فإن من العلماء الممتازين من يعتقدون أن سنيوريلى لم يبلغ من الشهرة ما تؤهله لها مواهبه، ولكن لعل الحقيقة أنه نال فوق ما يستحق. لقد كان يرسم في يسر، ولقد أدهشنا في دراساته للتشريح، ومواقف النماذج؛ وفن المنظور، وترتيب أجزاء الصورة بحيث يتبين الناظر إليها القريب منها والبعيد؛ وهو يدخل علينا السرور باستخدام الأجسام البشرية في تأليف صورة وتزيينها. وهو حين يرسم صورة السيدات يسمو أحياناً إلى مستوى عال من الرقة، ولقد افتتنت عقول الناقدين الخبيرين بصور الملائكة الموسيقيين في لورنتو. أما في ما عدا هذا فكان هو الداعي إلى إجادة تصوير الجسم بإتقان التشريح؛ فهو لم يخلع عليه رقة بدنية، أو رشاقة شهوانية، أو يمجده بجمال التلوين، أو سحر الضوء والظل، وقلما كان يدرك أن وظيفة الجسم هي أن يكون المظهر الخارجي والأداة المعبرة عن الروح أو الأخلاق الرقيقة التي لا تدركها الحواس؛ وأن الواجب الأسمى للفن هو أن يبحث عن الروح ويظهرها في ثنايا قناعها الجسدي. ولق أخذ ميكل أنجيلو عن سنيوريلى تعظيمه للتشريح إلى حد العبادة، كما أخذ عنه إضاعته الغاية في سبيل الوسيلة؛ ولهذا نراه يكرر في صورة يوم الحساب التي رسمها في معبد سستينى ما في مظلمات أفيتو من جنون عجيب بوظائف أعضاء الجسم ويكررها في الثانية بصورة أكبر منها في الأولى. غير أنه أستخدم في الصور التي رسمها على سقف هذا المعبد نفسه وفي تماثيله جسم الإنسان فجعله لسان الروح الناطق. وقد انتقل فن التصوير على يد سنيوريلى في خطوة واحدة من أهوال فن العصور الوسطى ورقته، إلى مغالاة في الزخرف مغالاة أفقدته روحه.