تعتمد على استيراد القطن الخام إلا أن سياسة حماية المنتجات المحلية التي اتخذتها الحكومة الفرنسية قضت بوضع تعريفة جمركية عالية على مثل هذه الواردات فقلَّ الوارد وارتفعت أثمان القطن، ولم يستطع أصحاب مصانع الغزل دفع المبالغ اللازمة لتشغيل كل أنوالهم، ولم يستطيعوا دفع نسبة الربح العالية التي تفرضها البنوك الفرنسية على القروض.
وشعر أصحاب هذه المصانع بضرورة الاستغناء عن المزيد والمزيد من العاملين لديهم. وسرعان ما أعقب فشل بنك لوبك إفلاسات مماثلة في هامبورج وأمستردام أثرت في الشركات والمؤسسات الباريسية. لقد زاد عدد البنوك المفلسة في فرنسا من ١٧ بنكا في أكتوبر سنة ١٨١٠ إلى ٤١ في نوفمبر من السنة نفسها، إلى ٦١ في يناير ١٨١١، وأدت ندرة القروض البنكية وارتفاع فوائدها إلى اضطرار الشركات شركة إثر أخرى إلى تقليص عدد العاملين فيها، بل وإيقاف أعمالها، وسرعان ما ازدحمت شوارع المدن الفرنسية بالعاطلين الذين راحوا يعرضون ممتلكاتهم للبيع أو راحوا يتسولون الخبز، بل وانتحر بعضهم.
وتكوّنت عصابات من العاطلين في المناطق الشمالية أغارت على المزارع واستولت على الغلال، وفي المدن هاجم العاطلون الأسواق والمخازن واعترضوا حمولات الطعام في الطرق والأنهار ونهبوها. لقد بدت الفوضى التي سادت عام ١٧٩٣ تعود من جديد.
وأصدر نابليون قرارات بعقوبات قاسية ضد جرائم الإخلال بالنظام العام، وأرسل الجنود لقمع المضربين، ونظم أمر توزيع الطعام مجانا. وأصدر قرارا في ٢٨ أغسطس بإرسال ٥٠٠،٠٠٠ هندريدويت من القمح و ٣٠،٠٠٠ جوال من الدقيق للمراكز ذوات الوضع الحرج. وفي هذه الأثناء خرق هو نفسه الحصار القاري بالسماح باستيراد الغلال من الخارج، ورفع التعريفة الجمركية عن المنتجات الأجنبية التي تنافس الصناعات الفرنسية، ونظّم أمر القروض الحكومية لتمكين الشركات من مواصلة التعيين (التوظيف) والإنتاج،
وفي مايو سنة ١٨١٢ وضع حدا أعلى لسعر القمح تأسِّياً بسوابق ثورية، لكن هذه المحاولة فشلت لأن الفلاحين منعوا منتجاتهم منه عن السوق حتى ترتفع الأسعار فيحصلوا على السعر الذي يطلبونه. وساعدت الأعمال الخيرية الخاصة الحكومة على تجنب هيجان على مستوى الأمة، فالكونت رمفورت Rumfort العالم الأمريكي البريطاني الذي كان يعيش آنئذ في فرنسا