تاريخ هذا العلم" (٤٢)(وقد نشر المسرح الفرنسي فيلكس فيك دازير هذا الكشف ذاته في السنة نفسها ١٧٨٤).
كتب جوته في رسالته: "إن الإنسان شديد الشبه بالحيوان الأعجم … فكل مخلوق إنما هو نغمة أو تحوير في تآلف ألحان عظيم" (٤٣) وقد ذهب كثيرون من العلماء والفلاسفة الذين سبقوه إلى أن الإنسان جزء من مملكة الحيوان ونظم قصيدة سماها "تطور الحيوانات" ولكنه لم يكن من دعاة التطور بالمعنى الدارويني. فقد افترض ثبات الأنواع إتباعا لمذهب نينايوس، وهكذا لم يكن "النبات الأول" الذي قال بعه نباتاً بدائياً فعلياً تطورت منه جميع النباتات، إنما كان مجرد نمط عام كانت كل النباتات تحويرات له. ولم يكن رأيه كرأي معاصريه لا مارك وإرازمس دارون في أن الأنواع متطورة من أنواع أخرى بالانتخاب البيئي لأشكال واحدة.
فهل كان جوته عالماً حقيقياً. ليس بالمعنى الاحترافي. لقد كان هاوياً غيوراً مستنيراً، وعالماً بين القصائد والروايات والغراميات والتجارب الفنية والواجبات الإدارية.
وقد استخدم أجهزة كثيرة وجمع مكتبة علمية كبيرة، ولاحظ ملاحظات مفيدة وتجارب دقيقة وشهد هلمهولتز بالدقة الواقعية للعمليات والتجارب الموضوعية التي وصفا جوته (٤٤). وقد نجب التفسيرات الغائية. ولكن العلماء المحترفين لم يقبلوه عالماً، لأنهم نظروا إليه هارياً يعتمد على الحدس والفرص بثقة مفرطة. وكان ينتقل بسرعة أكثر مما ينبغي من موضوع أو تحقيق آخر لامسا كلاً منهما نقطة خاصة، دون أن يبلغ في أي منها مسحاً للميدان في إلا في البصريات ونظرية اللون. ولكن كان هناك شيء مثالي وبطولي في إصراره المتشعب المتعدد الأشكال. وقال إكرمان في ١٨٢٥: "سيبلغ جوته عامه الثمانين بعد بضع سنوات، ولكنه لم يكل الأبحاث والتجارب، فهو لا يفتأ جاداً في أثر تأليف كبير (٤٥). وربما كان الشاعر محقاً في رأيه أن الهدف الأكبر للعالم ينبغي ألا يكون إمداد الرغبات القديمة بأدوات جديدة، بل توسيع الحكمة بالمعرفة في سبيل إثارة الرغبة.