فلورنسا وأسيسي وأرفييقو وسيينا وبرشلونة وبورجوس واستدعاهم ذوو الشأن لإتمام "القبة" في كاتدرائية ميلان. وقد خلب فايت ستوس ألباب الأهلين في مدينة كراكاو، وحظى ديرر بتكريم البندقية، واكتسح هوالبين الصغير إنجلترا.
وبلغت العمارة الكنسية أوجها في القرنين الثالث عشر والخامس عشر. ومع ذلك فإن أبناء جيل واحد من المواطنين في ميونخ شيدوا على الطراز القوطي الأخير، كنيسة سيدتنا وقاعة المدينة القديمة "أولدتان". وفي العقدين الأولين من القرن السادس عشر أتمت فرايبورج في ساكسونيا (منصة جوقة الترتيل) وشيدت أوجسبرج بيعة آل فوجر، وانتهت كاتدرائية ستراسبورج من بناء بيعة لورانس، وأضيفت مشربية جميلة إلى مقر كان الأبرشية في كنيسة سيبالدوسكيرس في نورمبرج. وفي مجال عمارة البيوت في هذا العهد شيدت أكواخ جذابة بأسقفها من القرميد الأحمر، وطبقاتها العليا مصنوعة من الخشب، وشرفاتها تجملها الأزهار وطنف رحبة تحمي النوافذ من الشمس أو الجليد. وهكذا واجه الألمان، بما عرف عنهم من إقدام، ارتفاع جبال الألب البافارية في مناخ ميتنفالد الصعب بجمال بيوتهم البسيط الحبيب.
وكان النحت من أمجاد هذا العصر. فازداد عدد صغار النحاتين، وكان من الممكن أن يلمعوا ويصبحوا نجوماً كبيرة لو قدر لهم أن يكونوا في مجرة أقل إشراقاً: نيكولاس جيرهارت وسمون لاينبرجر وتيلمان ريمنشنيدر وهانزباكوفن، وها هي نورمبرج وحدها تنجب في جيل واحد ثالوثاً من الأساتذة لا يكاد يبزهم أحد في عهد مماثل بأية مدينة في إيطاليا. ولا شك أن حياة فايت ستوس تصلح أن تكون قصة مدينتين؛ فقد تربى في نورمبرج، وحاز قصب الشهرة مهندس وبان للجسور ومعماري وحفار ونحات ومصور، وعندما بلغ الثلاثين من عمره ذهب إلى كراكاو وقام هناك بأحسن أعمال على الطراز القوطي الأخير المشع الذي عبر به عن ورع البولنديين وقابليتهم