للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المظهر الخارجي دون غيره. وانتقل الكثير من الأراضي عن طريق البائنات والوصايا إلى النساء؛ وهذه الثروة المكدسة جعلت النساء الإسبارطيات - وهن اللائي لم يكنَّ يتحملنَّ عبء تربية الذكور من الأبناء - يحيين حياة مريحة متحللة من القيود الأخلاقية لا توائم الأنوثة بحال من الأحوال. هذا إلى أن ما تعاقب على بعض الضياع من تقسيم في إثر تقسيم قد أفقر بعض الأسر فقراً عجزت معه عن تقديم نصيبها من الطعام العام، ففقدت بذلك ما كان لها من حقوق المواطنية، على حين أن تضخم بعض الثروات الأخرى عن طريق الزواج والوصايا قد أوجد لدى العدد القليل من "الأنداد" الباقين ثروات كبيرة مركزة أثارت الغيرة والحسد في القلوب (١). وفي ذلك يقول أرسطاطاليس: "من الإسبارطيين من يمتلك ضياعاً واسعة، ومنهم من لا يكادون يمتلكون شيئاً على الإطلاق، فالأرض بأجمعها في أيدي عدد قليل منهم" (٣). وتكون من الطبقات العليا التي فقدت حقوقها السياسية ومن اليريسيين المحرومين من هذه الحقوق، والهيلوتيين الحانقين، مجموعة من الأهلين يضطرب في نفوسها من القلق والعداء ما لا يسمح للحكومة أن تقدم على شئ من المغامرات العسكرية الخارجية التي يتطلبها الحكم الإمبراطوري إقداماً يشغلها زمناً طويلاً في أماكن واسعة.

وكانت الحرب الأهلية القائمة في بلاد الفرس وقتئذ تشكل مصائر بلاد اليونان؛ فقد ثار قورش الأصغر في عام ٤٠١ على أخيه أرتخشتر الثاني، واستعان عليه بإسبارطة، وجند جيشاً من آلاف اليونان وغيرهم من الجنود المرتزقة الذين أصبحوا ولا عمل لهم في آسية على أثر انتهاء حرب البلوبونيز الفجائي. والتقى الأخوان المتقاتلان في كونكسا بين دجلة والفرات وقرب ملتقاهما. وهزم قورش في هذه الواقعة وقُتل وأسر جيشه كله أو أبيد عدا فرقة مؤلفة من اثني عشر ألفاً من اليونان استعانوا بسرعة بديهتهم وإقدامهم


(١) كان عدد الهمويوي Homoioi أو "الأنداد" ثمانية آلاف في عام ٤٨٠، وألفين في عام ٣٧١ وسبعمائة في عام ٣٤١.