حقيقياً، يصدقه ويؤمن به على الفور" (٨٠). وآثر بيكون "ذلك العقل المنتزع من الحقائق، .... ومن تحالف أوثق وأنقى بين هاتين القوتين: التجريبية والعقلانية، يمكن أن نأمل في خير كثير (٨١) ".
كما أن بيكون لم يقل، مثل فلاسفة القرن الثامن عشر، بأن العقل عدو الدين أو أنه بديل عنه، إنه أفسح لكل منهما مجالاً في الفلسفة وفي الحياة. ولكنه كره الاعتماد على التقاليد والنصوص والمراجع، وطالب بتغييرات عقلانية طبيعية بدلاً من الافتراض أو الحدس العاطفي، ومن الاعتراضات الخارقة للطبيعة، والأساطير الشعبية المألوفة. إن بيكون رفع راية كل العلوم، وجذب للانضواء تحتها أشد العقول تلهفاً في الأجيال القادمة. وسواء شاء أو لم يشأ، فان العمل الذي دعا إليه- التنظيم الشامل للبحث العلمي، والتوسع في المعرفة ونشرها في العالم بأسره-نقول إن هذا العمل يحوي في طياته بذور أعمق مسرحية في الأزمنة الحديثة: المسيحية، كاثوليكية أو بروتستانتية، تناضل من أجل حياتها، ضد انتشار العلم والفلسفة وقوتهما. وكانت المسرحية الآن قد ألقت مقدمتها على العالم.