تمثل حداً فاصلا، فحتى الهيدالجوات hidalgos (من طبقة النبلاء الدنيا) قلما كان الواحد منهم يستطيع قراءة كتاب. وكانت الطبقة الحاكمة تتخوف من الطباعة، وعلى أية حال لم يكن محو الأمية مطلوبا في ظل الاقتصاد الإسباني الموجود آنئذ. وكانت بعض المدن التجارية مثل قادش Cadiz وأشبيلية مزدهرة، وقد اعتبر اللورد بايرون قادش " أجمل مدن أوربا" في سنة ١٨٠٩. وكانت هناك بعض المراكز الصناعية المزدهرة، فقد ظلت توليدو Toledo مشهورة بسيوفها لكن طبيعة البلاد الجبلية الوعرة لم تجعل غير ثلثها فقط هو الذي يمكن زراعته بمردود اقتصادي، وكانت الطرق والقنوات (الترع) قليلة جدا، ووعرة وتنقصها الصيانة كما كان المرور فيها يستلزم رسوما تفرضها الولايات أو السيد الإقطاعي، لدرجة أن الناس وجدوا أنه من الأرخص استيراد القمح من إنتاجه محليا.
لقد راح الفلاحون - وقد أوهنت التربة التي لا تصلح للزراعة إلا بشق النفس - من عزائهم راحوا يفخرون بحياة البطالة الواضحة بدلاً من انتظار نتائج الكدح في تربة ليس نتاجها مؤكدا. ووجد أهل المدن سعادتهم في تهريب البضائع أكثر مما وجدوها في العمل الذي لا يتقاضون لقاءه أجوراً مجزية. وكان يجثم فوق أنفاس الحياة الاقتصادية ضرائب تزداد أكثر مما يزداد الدخل وجهاز شرطة فاسد وطبقة موظفين متزايدة، وحكومة منحطة (فاسدة).
ورغم هذه الصعوبات فقد ظلت روح الأمة العالية، يشد أزرها تراث فرديناند وإيزابيلا، وفيليب الثاني، وتراث فيلاسكويز Velasquez وموريللو Murillo، ويشد أزرها زيادة ثروة الإمبراطورية الإسبانية في الأمريكتين والشرق الأقصى، تلك الثروة الهائلة التي كانت إمكانية زيادتها أمراً متوقعا. وحقق الفن الإسباني شهرة ضارعت الفن الإيطالي والهولندي. لقد جمعت الأمة الإسبانية - الآن - كنوزها الفنية - رسماً ونحتا في متحف دل برادو Museo del Prado الذي شيده في مدريد (١٧٨٥ - ١٨١٩) خوان دي فيلانوفا Juan de Villanueva ومعاونوه ومن أتوا بعده.
وفي هذا المتحف توجد الأعمال العظيمة الخالدة لسيد رسامي العصر فرانسيسكو جوز اي جويا Francisco Jose de Goya Y Lucientes (١٧٤٦ - ١٨٢٨) وقد