وصلتنا صورة لهذا الرسام رسمها له فيسنت لوبيزي بورتانا Vicente Lopez Y Portana وهي صورة تظهره عنيدا متصلباً مما يتوافق مع الروح المتجهمة التي أظهر فيها (في رسومه) الحرب بكل وحشيتها وقسوتها الدموية، ومما يتوافق مع رجل أحب بلاده لكنه في الوقت نفسه كان يحتقر ملكها. لقد انتعش الأدب الإسباني بفضل حافزين، أوّلهما الثقافة الكاثوليكية، وثانيهما التنوير الفرنسي، واستمر هذا الانتعاش حتى عندما استهلكت الحروب الأهلية والحروب الخارجية الأمة الإسبانية.
فالقس الجزويتي Jesuit (اليسوعي) خوان فرانسيسكو دي ماسدو Juan Francisco de Masdeu أصدر على مراحل بدءا من سنة ١٧٨٣ إلى سنة ١٨٠٥ كتابه المهم عن تاريخ الثقافة الإسبانية Historia Critica de Espana Y de la Cultura Espanola تناول فيه التاريخ بشكل تكاملي إذ خلط التاريخ الثقافي في سياق التاريخ الحضاري العام. وتلقى خوان أنتونيو لورنت Juan Antonio Llorente - الذي كان سكرتيرا عاما لمحكمة التفتيش الإسبانية (الكاثوليكية) من ١٧٨٩ إلى ١٨٠١ - من جوزيف بونابرت (١٨٠٩) تكليفا بكتابة تاريخ هذه المؤسسة (محكمة التفتيش)، ووجد خوان أن كتابة هذا التاريخ في باريس سيكون أكثر أمناً، فكتبه بالفرنسية في الفترة بين عامي ١٨١٧ و ١٨١٨.
ولم يكن ازدهار النثر والشعر الذي كان غرة في جبين عصر تشارلز الثالث قد ذبل تماما عند موته: فقد واصل جاسبار ملشور دي جوفيلانوس Gaspar Melchor de Jovellanos (١٧٤٤ - ١٨١١) دوره كصوت معبر عن الليبرالية في التعليم ونظم الحكم، وظل ليندرو فرناندز دي مورتين Leandro Fernandez de Mortain (١٧٦٠ - ١٨٢٨) يتسوّد على خشبة المسرح بمسرحياته الضاحكة (كوميدياته) التي ضمنت له لقب (موليير إسبانيا)، وخلال حرب التحرير (١٨٠٨ - ١٨١٤) راح مانويل جوزي كوانتانا Manuel Jose Quintana والقس خوان نيكازيو جاليجو Juan Nicasio Gallego يفيضان أشعارا حماسية لتأجيج نيران الثورة على الفرنسيين.
لقد تأثر معظم الكتاب الأسبان الرواد بالأفكار الفرنسية سواء في مجال الفكر الخالص أو التحرر السياسي، لقد تفرنس هؤلاء الكتاب تماما كما تفرنس الماسونيون. حدث هذا رغم النضال الإسباني للتحرر من الاحتلال الفرنسي. لقد استنكروا إضعاف الملكية لمجالس الأقاليم (المحافظات) تلك المجالس المحلية التي كان لها دور في وقت من الأوقات في المحافظة