للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على أسبانيا حيّة في مختلف أنحائها. لقد هلّلوا للثورة الفرنسية ورحّبوا بنابليون كمتحدٍ يدفع اسبانيا لتخليص نفسها من الارستقراطية الإقطاعية والكنيسة ذات الصبغة الوسيطية (كنيسة العصور الوسطى) والحكومة التي لا تتسم بالكفاءة. ولندع مؤرخا أسبانيا متمكنا يقدم لنا لحنا جنائزيا حزينا ومتسما بالقوة يتناول فيه الأسرة الحاكمة الإسبانية المحتضرة:

"في سنة ١٨٠٨، وعندما كانت أسرة البوربون Bourbon الحاكمة في فرنسا تسير نحو الهاوية - يمكننا أن نلخص الوضع السياسي والاجتماعي في أسبانيا كالتالي: أرستقراطية فقدت احترامها للملوك، فقد كان رجال الحاشية على نحو خاص لا يوقرون ملوكهم. وسياسات فاسدة يقوم عليها سياسيون تحركهم العداوات الشخصية، ويملأهم الخوف والتردد. وكانت الطبقات العليا تعوزها الوطنية لا يحركها سوى الجشع والهوى. وكانت الآمال المحمومة للجماهير تتحلق حول أمير (هو فرديناند) أثبت بالفعل أنه حقود يميل للانتقام وأنه أمير زائف. وأخيرا ظهر التأثير العميق في دوائر الأدب والفكر، لأفكار الموسوعيين (Encyclopedists) الفرنسيين والثورة الفرنسية".

وقد وصفنا في فصل سابق انهيار العرش الإسباني وتفسخه من وجهة نظر نابليون: لقد سمح تشارلز الرابع (حكم من ١٧٨٨ إلى ١٨٠٨) لزوجته ماريا لويزا Luisa وعشيقها جودوي Godoy أن يسلباه صلاحيات الحكم، وراح الأمير فرديناند الوريث الظاهر يناور لعزل أبيه، وحارب أنصار جودوي أنصار الأمير فرديناند، وغرقت مدريد وما حولها في حالة من الفوضى. ووجد نابليون في هذه الفوضى فرصة لضم كل شبه الجزيرة الأيبيرية للحكم الفرنسي ليحكم بها الحصار القاري (المضاد) في وجه البضائع والنفوذ البريطانيين.

لقد أرسل نابليون مورا Murat والجيش الفرنسي الثاني إلى أسبانيا بتعليمات مؤداها إعادة النظام إلى أسبانيا. ودخل مورا Murat مدريد (٢٣ مارس ١٨٠٨) وقمع العصيان المسلح المعروف بعصيان الثاني من مايو historic Dos de Mayo. وفي هذه الأثناء دعا نابليون كلاً من تشارلز الرابع وفرديناند للالتقاء به في بايون Bayonne في فرنسا بالقرب من الحدود الإسبانية. وأرهب نابليون الأمير وأجبره على إعادة العرش لوالده، ثم حث نابليون الأب على التنازل عن العرش لصالح من يعينه هو (أي يعينه نابليون) ووعد نابليون بالاعتراف