المعجزات خرق لقوانين الطبيعة إذ ليس ثمة قوانين إلا إرادة الله.
وقد خلق كل شيء لغرض إلهي طيب:"فقد خلق الله القوقعة لمداواة الجرب، والزجاجة لمداواة لسعة الزنبور، والبعوضة لمداواة عضة الأفعى، والأفعى لعلاج الاحتقان (٢٨) وبين الله والإنسان صلة لا تنقطع وكل خطوة يخطوها إنما يخطوها أمام ناظريه لا تخفي عنه، وكل عمل يعمله الإنسان أو فكرة تجول بخاطره في خلال يومه يمجد بها الذات الإلهية أو يغضبها. والناس كلهم أبناء آدم، ولكن "الإنسان قد خلق أولاً وله ذنب كذنب الحيوان (٢٩) و"كانت وجوه الناس إلى عهد أخنوخ شبيهة بوجوه القردة (٣٠). ويتكون الإنسان من جسم وروح، فروحه من عند الله، وجسمه من الأرض، والروح تدفعه إلى الفضيلة، والجسم يدفعه إلى الخطيئة، أو لعل دوافعه الشريرة وقد أتت إليه من الشيطان، ومن ذلك العدد الجم من الأرواح الخبيثة التي تكمن حوله في كل مكان (٣١). بيد أن كل شر قد يكون في نهاية الأمر خيراً؛ ولولا شهوات الإنسان الأرضية لما كد الإنسان أو تناسل. وتقول إحدى الفقرات الظريفة "تعال نعز الخير لآبائنا، فإنهم لو لم يأثموا لما جئنا نحن إلى هذه الدنيا" (٣٢).
والخطيئة من فطرة الإنسان، ولكن ارتكابها ليس موروثاً، وقد قبل أحبار اليهود عقيدة سقوط الإنسان، ولكنهم لم يقبلوا عقيدة الخطيئة الأولى ولا الكفارة الإلهية. فالإنسان في رأيهم لا يعاقب إلا على ما ارتكبه هو من الذنوب، وإذا ما لقي من العقاب في الحياة الدنيا أكثر مما يبدو له أن يستحقه على ذنوبه، فقد يكون ذلك لأننا لا نعرف مقدار هذه الذنوب كلها، أو قد يكون هذا الإفراط في العقاب نعمة كبرى، تؤهله للخير العميم في الدار الآخرة. ومن أجل هذا يجب على الإنسان كما يقول عقيبا أن يبتهج لكثرة ما يصيبه من سوء (٣٣) أما الموت فقد جاء إلى الدنيا بسبب آثام الإنسان؛ وغير الآثم بحق لا يموت أبداً (٣٤). فالموت دين على البشرية الآثمة لباعت الحياة جميعها. ويقص