كتاب قصة الحضارة

الشريعة - ١ - الناحية الدينية - ج: 14 - ص: 19

ويلبس التمائم (٢٤)، ويجلس على عرش يحيط به طائفة من الملائكة المختلفي الدرجات يقومون على خدمته، ويدرس التوراة ثلاث مرات في كل يوم (٢٥). ويعترف رجال الدين بأن هذه الصفات البشرية قائمة على الافتراض إلى حد ما، ويقولون: "إننا نستعير له صفات من خلقه نصفه بها لنيسر بذلك فهمه" (٢٦)؛ وإذا لم يكن في مقدور العامة أن يفكروا إلا على أساس الصور المادية فليس الذنب واقعاً عليهم. وهم يصورون الله أيضاً بأنه روح الكون غير المنظورة، السارية فيه كله، تمده بالحياة، تسمو عليه وتلازمه في وقت واحد، تعلو على العالم ولكنها مع ذلك حالة في كل ركن من أركانه وكل جزء من أجزائه. والحضرة الإلهية الكونية المسماة بالسكينا (السَّكَن) تكون بنوع خاص في الأشخاص المقدسين وفي الأماكن والأشياء المقدسة، وفي ساعات الدرس والصلاة. لكن هذا الإله القادر على كل شيء رغم هذا إله واحد. وليس بين الأفكار كلها فكرة أبغض إلى اليهودية من تعدد الآلهة، واليهود لا يفتئون يجهرون بوحدانية الله في حماسة قوية وينددون بشرك الوثنية وبما يبدو في الثالوث المسيحي من تثليث. وهم يجهرون بهذه الوحدانية في أشهر صلواتهم وأكثرها انتشاراً بينهم صلاة شمع يسرائيل: "اسمعي يا اسرائيل، الله إلهنا، الله واحد" (شمع يسرائيل أدوناي إلوهينا أدوناي أحد) (٢٧). وليس ثمة مكان بجواره في هيكله أو عبادته إلى مسيح، أو نبي، أو قديس. وقد نهى أحبار اليهود الناس عن ذكر اسمه إلا في أحوال جد نادرة يقصدون بذلك أن يحولوا بينهم وبين تدنيسه أو اتخاذه وسيلة للسحر، ولكي يتجنبوا النطق بهذا الاسم الرباعي يهوه كانوا يذكرون بدلاً من لفظ أدوناي أي الرب، بل ويشيرون بأن يستعمل بدلاً منه عبارات مثل: "الواحد المقدس" "الواحد الرحيم" "السماوات" "أبينا الذي في السماء". وفي اعتقادهم أن الله قادر على صنع المعجزات وأنه يصنعها فعلاً، وخاصة على أيدي كبار الأحبار؛ ولكن يجب ألا يظن أن هذه