الذي ما زال يرى ارتكاب الفحشاء خطيئة؟ (٢٦) كتب الراعي برتلياس ريخفالت في ١٥٨٥ يقول: "هذا الزمان آخر الأزمنة التي نكب بها العالم، وأشدها فساداً (٢٧) وأصبح التجديف وتدنيس المقدسات شائعاً بين كل الرجال تقريباً من جميع المذاهب (٢٨) واستشرى الافتراء على الناس. وكتب كونت أولدنبرج في ١٥٩٤ يقول: "شكا لي ملاحظ أعمالي من الطريقة التي أساء بها الدكتور بيزل في بريمن إلى سمعته وافترى عليه في أحد كتبه، إذ زعم أنه ينفق نهاره في الشره والسكر والفجور، وأنه … ذئب مفترس للحملان، وأفعى، وتيس، وسقط جهيض .. وأنه يجب التخلص منه أما بشنقه أو إغراقه أو سجنه، وإما بدولاب التعذيب أو بحد السيف". ووجد واعظ بلاط أمير سكسونيا الناخب أنه "في طول ألمانيا وعرضها تقريباً أشيع كذباً "أنني أكسب أقداحاً مذهبة في مباريات الشراب … وأنني أفرط في شرب النبيذ .. حتى ليضطر القوم إلى مساعدتي ودفعي على عربة جر كأنني عجل أو خنزيرة مخمورة (١٩) ".
وكان تناول الطعام والشراب شغلاً شاغلاً للناس، فنصف نهار الألماني الميسور ينفقه في دفع الطعام من إحدى طرفي القناة الهضمية إلى طرفها الآخر وكان أهل المدن يفخرون بشهيتهم الطيبة التي تفصح عن ثرائهم كما تفصح عنه ثياب زوجاتهم. وقد ذاع صيته أحد لاعبي السيرك في أرجاء ألمانيا كلها لأنه أكل في وجبة واحدة رطلاً من الجبن، وثلاثين بيضة، ورغيفاً كبيراً من الخبز-وهي مهمة خر بعدها صريعاً. ولم يكن من الأمور الشاذة أن يتصل الغداء أو العشاء سبع ساعات يتخللها شرب أربعة عشر نخباً. أما حفلات الزفاف فكانت في أكثر الأحيان قصفاً صاخباً يحفل بالنهم والسكر وقد ألف أمير مرح أن يوقع رسائله بهذه العبارة (كن معافى وأسكر). وقد أسرف كرستيان الثاني أمير سكسونيا الناخب في تعاطي الخمر حتى أودت بحياته، ولما يجاوز السابعة والعشرين. وكافحت جمعية للامتناع عن السكرات لمقاومة الرذيلة، ولكن أول رئيس لها مات من السكر (٣٠). وقد أكد