وقفطان، وحزام. وأتاح له الروب الطويل أن يستر آثار حصر البول الذي ابتلي به. وكان يختلف إلى الكنيسة في هذا الزي، وارتداه وهو يزور اللورد كيث، الذي لم يعلق عليه إلا بتحيته بعبارة (السلام عليكم). وواصل الإضافة إلى دخله بنسخ الموسيقى، ثم أضاف أليها الآن أشغال الإبرة، وتعلم صناعة الدنتلا. كنت أحمل كالنساء مخدتي في زياراتي، أو أجلس لأشتغل بالإبرة عند باب بيتي .. وأتاح لي هذا أن أنفق وقتي مع جاراتي دون أن أحي مللاً .. (٢١).
وأغلب الظن أن الناشرين أقنعوه في هذه الفترة (أواخر ١٧٦٢) بأن يبدأ كتابه "اعترافات" وكان قد أقسم أن يعتزل التأليف، ولكن هذا لن يكون تأليفاً بقدر ما هو دفاع عن خلقه وسلوكه ضد عالم من الخصوم، لا سيما ضد تهم جماعة الفلاسفة وشائعات الصالونات. أضف إلى ذلك أنه كان مضطراً إلى الرد على عدد كبير من مختلف الرسائل. وقدم له النساء على الأخص بخوراً معزباً من إعجابهم الشديد، لا لتعاطفهن فحسب مع المؤلف المطارد لرواية مشهورة، بل لأن نفوسهن كانت تهفو للرجوع إلى الدين، ولم يرين في "كاهن سافوي" وصانعه عدواً حقيقياً للدين، بل المدافع الشجاع ضد إلحاد يشيع الكآبة في النفوس. لمثل هؤلاء النساء ولرجال عديدين، غدا أب الاعتراف، ومرشداً للنفوس الضمائر. وقد نصحهم بأن يقيموا على دين شبابه أو يعودوا إليه، ضاربين صفحاً عن كل الصعوبات التي يوحي بها العلم الفلسفة. فتلك العجائب البعيدة التصديق ليست هي الجوهر، ولا ضير في تنحيتها في صمت، إنما العبرة بالإيمان بالله وبالخلود، فبهذا الأيمان والرجاء ستطيع الإنسان أن يتسامى فوق كل كوارث الطبيعة التي لا تفهم، وكل آلام الحياة وأحزانها. وطلب كاثوليكي شاب متمرد على دينه تعاطف روسو، فأجابه روسو ناسياً تمرداته ألا يهتم كثيراً بالتوافه العارضة. "لو أنني ولدت كاثوليكياً لظللت كاثوليكياً، علماً بأن كنيستك تضع قيداً صحيحاً على شطحات العقل الذي لا يجد قراراً ولا شاطئاً حين يريد سبر أعماق الأشياء السحيقة (٢٢) ". وأشار على جل طلاب الحكمة هؤلاء