وأنه ما زالت هناك أخطاء أخرى لم أدركها لا أنا ولا غيري … فبعد الاستماع إلى الطرفين سيحكم الجمهور .. وسينجح الكتاب أو يسقط وتنتهي القضية عند هذا (٤٣). ولكن أكان الكتاب مؤذياً؟ أيمكن أن يقرأ إنسان "هلويز الجديدة""وإعلان إيمان كاهن سافوي" ثم يعتقد حقاً أن مؤلفها قصد هدم الدين؟ صحيح أن الكتابين حاولا تدمير الخرافة لأنه شر بلاء رزئت به البشرية، ولأنها محنة الحكماء وأداة الطغيان (٤٤). ولكن ألم يؤكد ضرورة الدين؟ إن المؤلف يتهم بعدم إيمانه بالمسيح، وهو مؤمن بالمسيح ولكن بطريقة مختلفة عن طريقة متهميه.
إننا نعترف بسلطان المسيح، لأن فكرنا يوافق على تعليمه ولأننا نجدها تعاليم سامية. ونحن نسلم بالوحي منبثقاً من روح الله، دون أن نعرف كيف .. وإذ نقر بسلطان إلهي في الإنجيل، فإننا نؤمن بأن المسيح بشر بهذا السلطان، ونحن نقر بفضيلة في سلوكه تفوق فضيلة البشر، وبحكمة في تعاليمه تفوق حكمة البشر".
وأنكر الخطاب الثاني حق مجلس مدني في الحكم في قضايا الدين (ناسيا العقد الاجتماعي). وفي إدانة إميل انتهاك لمبدأ أساسي من مبادئ حركة الإصلاح البروتستنتي، وهو حق الفرد في أن يفسر الكتاب المقدس لنفسه (٤٥).
"لو برهنت لي اليوم في مسائل الدين مضطراً للإذعان لقرارات غيري، فسأتحول إلى الكاثوليكية غداً (٤٦)". وسلم روسو بأن دعاة الإصلاح البروتستنتي أصبحوا بدورهم مضطهدين للتفسير الفردي (٤٧). ولكن هذا لا يبطل المبدأ الذي لولاه لكانت ثورة البروتستنت على السلطة البابوية ظالمة. واتهم القساوسة الكلفنيين (باستثناء راعي) بأنهم اعتنقوا روح الكاثوليكية المتعصب، ولو كانوا أوفياء لروح الإصلاح البروتستنتي لدافعوا عن حقه في نشر تفسيره الخاص للكتاب المقدس. وجاد الآن بكلمة ثناء على رأي دالامبير في قساوسة جنيف:
"أن أحد الفلاسفة يلقي عليهم نظرة عجلى، ثم يتغلغل إلى أعماقهم،