الذين تقل قيمة ممتلكاتهم عن ألفي درخمة، وأن تسلم دمستين، وهيبريدز، واثنين غيرهما من الخطباء المعادين للمقدونيين. فلما سمع دمستين بهذه الشروط فر إلى كالوريا Calauria ولجأ إلى حمى أحد الهياكل. ولما أحاط به مطاردوه المقدونيون تجرع ملء قارورة من السم، ومات قبل أن يستطيع جر نفسه من البهو المقدس.
وشهدت هذه السنة المشئومة نفسها خاتمة حياة أرسطو. لقد كان منذ زمن طويل غير محبب للأثينيين: فقد كان المجمع العلمي ومدرسة إسقراط يحقدان عليه لأنه كان ينقدهما وينافسهما، بينما كان الوطنيون يعدونه زعيماً للحزب المناصر للمقدونيين. وانتهز أعداؤه فرصة موت الإسكندر فاتهموا أرسطو بالمروق من الدين، وجيء بفقرات من كتبه دالة على كفره بالآلهة تأييداً لهذه التهمة؛ واتُهم أيضاً بأنه كرم الطاغية هرمياس Hermeias بما يكرم به الآلهة، وكان هرمياس هذا عبداً رقيقاً ومن ثم لم يكن في مقدوره أن يصبح إلهاً. وغادر أرسطو المدينة في هدوء وهو يقول إن نفسه لا تطاوعه أن يتيح لأثينة فرصة أخرى ترتكب فيها الإثم في حق الفلسفة (٤٣). ولجأ إلى بيت أسرة والدته في خلقيديا وأوصى ثاوفراسطوس Theophrastus أن يعنى بشئون اللوقيون. وحكم عليه الأثينيون بالإعدام، ولكن الفرصة لم تسنح لهم لتنفيذ الحكم، كما أنهم لم يكونوا في حاجة لتنفيذه. ذلك أن أرسطو قضى نحبهُ بعد بضعة أشهر من مغادرته أثينة؛ وقد يكون سبب موته مرضاً أصيب به في معدته واشتد عليه بسبب فراره، وقد يكون سببهُ كما يقول بعضهم أنه تجرع السم. وكان وقت وفاته في الثالثة والستين من عمره، وكانت وصيته مثلاً أعلى في الحنان والتقدير لزوجته الثانية، وأسرته، وعبيده.
وبعد فقد كان موت الديمقراطية اليونانية موتاً عنيفاً وطبيعياً في وقت واحد. وكان أهم أسباب هذا الموت ما أصاب هذا النظام من اضطراب