امتاز وهو لا يوال فتياً بقلبه الطيب السمح، وكياسته ودماثة خلقه ومجاملته، ومناصرته السخية للآداب والفنون، وأن يقودها كما يبدو في طريق السلام. ولم يخش ألفنسو صاحب فيرارا، الذي حاربه يوليوس بلا هوادة، المجيء إلى روما؛ ورد إليه ليو كل ما كان له في دوقيته من امتيازات، وشكر له الأمير هذه اليد فأمسك بركاب ليو حين امتطى جواداً بيسير في موكب التتويج في السابع عشر من شهر مارس. وكانت هذه الحفلات التي أقيمت بمناسبة تتويجه فخمة لم سبق لها مثيل من قبل أنفقت فيها مائة ألف دوقة (٦). وقدم فيها المصرفي أغستينو تشيجي Agostino Chigi مركبة نقش عليها باللغة اللاتينية ذاك النقش الذي يعلن فيه أمل الشعب: "لقد حكمت من فيل فينوس"(أي الإسكندر)، "وحكم بعدئذ المريخ"(يريد يوليوس)، و "الآن تحكم بالاس Pallas" و (الحكمة) وطاف الناس بشعار أكثر من هذا إيجازاً وإحكاماً: "كان المريخ، وتكون بالاس، وأنا فينوس، سأكون أبداً" (٧). وابتهج الشعراء، والمثالون، والمصورون، والصيّاغ؛ وانبعثت في قلوب الكتّاب الإنسانيين آمال بعودة عصر أغسطس الذهبي, وقصارى القول أن أحداً لم يتربع على كرسي البابوية من قبل أن تحف به هذه البشائر والآمال والبهجة التي تغمر قلوب الشعب على بكرة أبيه.
وإذا جاز لنا أن نصدق الملفقين من كتّاب ذلك العصر فإن ليو نفسه قد قال لأخيه وهو منشرح الصدر: "فلنستمتع بالبابوية ما دام الله قد وهبنا إياها" (٨). ولعل هذا القول مدسوس عليه، وحتى إن صح لا يدل على شيء من عدم الاحتشام، بل ينم على روح جذلة، لا تنسى أن تكون كريمة كما تكون سعيدة، وهي لا تدري وقد واتاها الحظ السعيد أن تصف العالم المسيحي كأنه يتمخض بالثورة على الكنيسة.