بالمرارة، بل إنه راح ينظر لما حققه من فخار وعظمة على أنهما شيء تافه، مستعداً للإساءة سريع التسامح، يَعُد البنسات القليلة ويعطي - برغبته - مبالغ كبيرة. وفي سنة ١٨٢٠ وصف حالته بجزع:
"كيف سقطت؟! أنا - الذي كان نشاطي لا حد له. أنا الذي لم أخلد للراحة! أيصبح هذا حالي؟ كسولا بليدا خَدِرا! لقد أصبحت أبذل جهدا لأفتح عيني (لأرفع الجفن عن عيني) لقد كنت في بعض الأحيان معتاداً أن أُملي في مختلف الموضوعات على أربعة أو خمسة من السكرتيرين يكتبون بالسرعة نفسها التي بها أتحدث، لكنني كنتُ وقتها نابليون … أما الآنا فأنا لا شيء .... إنني حي لكنني ميت".
لقد تعاقب عليه عدد من الأطباء المختلفين لكن واحداً منهم لم يمكث معه الفترة الزمنية الكافية لدراسة أعراض مرضه بشكل منهجي أو وضع نظام دائم لعلاجه وطعامه. وكان الدكتور أوميرا O'Meara هو أول أطبائه (في سانت هيلينا) وأفضلهم، لكن مهمته قد أُنْهيت بعد فترة وجيزة. وحل محله طبيبان بريطانيان (ستوكو Stokoe وأرنوت Arnott) وكان كلاهما طبيبا جيدا وصبورا وواعيا، لكن في ٢١ سبتمبر ١٨١٩ اضطرب الأمر بوصول الدكتور فرانسيسكو أنتومارشي Antommarchi البالغ من العمر تسعة وثلاثين عاما، وكان يحمل توصية من خال نابليون (الكاردينال فيش Fesch) فسمح له الطبيبان الآخران بالعناية به.
لقد أجاب أنتومارشي بإسهاب عن سؤال نابليون عما إذا كان الجنرالات أم الأطباء هم الأكثر إفناءً للبشرية أو بتعبير آخر أيهما أكثر ضحايا، إذ كان هذا الطبيب معتزا بنفسه واثقا منها عديم الرحمة إذ عندما اشتكى نابليون من آلام في معدته، وصف له أنتومارشي مُقَيئّا على عصير الليمون، فكادت روحه تخرج لفرط الألم، وظن أنّ السُّم قد دُسَّ له في الدواء، فطرد أنتومارشي ولم يسمح له بالعودة لعلاجه، لكن في غضون يوم أو يومين عاد أنتومارشي بأدويته وقاروراته، وكان على الإمبراطور أن يتحمله رغم أنه (أي الإمبراطور) راح يسبّه ويلعنه بأقذع السباب واللعنات مما لا يُمكن كتابته هنا.
وفي نحو منتصف مارس ١٨٢١ لزم نابليون فراشه ولم يعد يغادره بعد ذلك إلا نادرا. لقد كان يعاني من آلام مستمرة لا تكاد تتوقّف فراح أنتومارشي والطبيبان الآخران يهدّئانها بإعطائه جرعات صغيرة من الأفيون على نحوٍ متكرر. وقال نابليون في ٢٧ مارس: