وكانت قمصانهم المصنوعة من الكتان الرفيع تغطي حواشيها بأهداب تخفي ملابس داخلية من الفانلا، وكانوا يطوقون أعناقهم في تأنق بالأربطة (الكرافتات) المصنوعة من شاش "اللون"(وهو قماش مستورد من لاون بفرنسا)، ويثبتون بنطلونات الركوب القصيرة بمشابك عند ركبهم وبثلاثة أزرار في الخصر، وثلاثة مخفاة في لسان يغطيها. أما جواربهم الطويلة فهي عادة حمراء اللون، ولكنها قد تكون من الحرير الأبيض في المحافل الرسمية. واقتضى الزر في ١٧٣٠ أن تكون أحذيتهم حمراء عند الأصابع والكعب. على أن فتى العصر كان برغم هذا الجهاز كله يحس أنه عريان إذا لم يتقلد سيفاً. فلما صعدت الطبقات الوسطى في سلم المجتمع استبدلت بالسيوف العصي التي كانت تتوج عادة بمعدن نفيس وتنقش نقشاً بديعاً، ولكن بما أن الشوارع كانت لا تزال محفوفة بالخطر، فإن العصا كثيراً ما احتوت سيفاً. وكانت المظلات قد دخلت الصورة في أواخر القرن السابع عشر، ولكنها لم تعم حتى ختام الثامن عشر. واقتضى الركوب في الحدائق العامة أو خلال الصيد بالكلاب ارتداء أزياء خاصة طبعاً، وقد حاول الشبان المغالون في التأنق (وكانوا يسمون المكروني) جاهدين لفت الأنظار بالإسراف في الزينة أو التلون. وفريق آخر سمي "سلوفينز" غالوا في الظهور بعادات رثة وثياب مهملة، فنكشوا شعورهم بعناية متمردة وتركوا بنطلوناتهم دون ربطها بالمشابك، وتباهوا بالوحل على أحذيتهم، إعلاناً لاستقلالهم ودليلاً على أصالة التفكير.
أما النساء فكن إذا طلعن على الناس يلبسن كما نتخيلهن في شبابنا الدهش، حين كان جسد الأنثى سراً غامضاً مبهراً عزيز الرؤية. وكانت تنوراتهن الكثيرة الوبر تنفخها عادة أطواق ترفعها في خفة من خطوة إلى خطوة وتكشف كشفاً خاطفاً عن كعوب متلألئة وأقدام رشيقة. وكانت الأطواق التي قد تتمتع تسع ياردات حول الجسم سدوداً، والمشدات تروساً، فتطلبت غزوات الحب كل حماسة الفارس ينفذ إلى الدروع ويتسلق الأسوار، وكان هذا الوضع أحفز لخيال الشعراء. وضاع بعض ما لشعر المرأة من بريق وبهاء في الطبقات المقواة التي علت فوق رأسها علواً اقتضى حمايتها من أن تحرقها الثريات. وأخفيت وجوه النساء وراء الغسولات والطلاءات ولصوق التجميل والمساحيق والحواجب