هذا السفر سما عليها جميعاً في بلاغته الجذابة. ويستند الكتاب إلى العقيدة الشائعة التي تقول إن حلول ملكوت الله يسبقه حكم الشيطان، وانتشار الشرور الآثام، فيصف حكم نيرون بأنه هو بعينه عهد الشيطان، ويقول إنه لما خرج الشيطان وأتباعه على الله غلبتهم الملائكة جيوش ميخائيل، وقذفت بهم إلى الأرض فقادت العالم الوثني هجومه على المسيحية. ونيرون هو الوحش وعدو المسيح في هذا الكتاب فهو مسيح من عند الشيطان، كما أن يسوع مسيح من قبل الله. ويصف روما بأنها "الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة التي زنى معها ملوك الأرض"، "وسكر سكان الأرض من خمر زناها" وهي "زانية بابل" مصدر جميع الظلم والفساد، والفسق والوثنية، ومركزها وقمتها. هنالك ترى القياصرة المجدّفين المتعطشين للدماء، يطلبون إلى الناس أن يخصّوهم بالعبادة التي يحتفظ بها المسيحيون للمسيح.
ويبصر المؤلف في عدة رؤى متتابعة ما سوف يحل بروما وبالإمبراطوريّة من ضروب العقاب. سترسل عليها أسراب من الجراد تظل خمسة أشهر تعذب سكانها أجمعين عدا المائة ألف والأربعة والأربعين ألفاً من اليهود الذين يحملون على جباههم خاتم المسيحية (٧٧). وتأتي ملائكة أخرى فتصب سبع قوارير من غضب الله على الأرض، فيصاب الناس بقروح شديدة، ويتحول البحر إلى دم كدم الميت يموت منه كل ما في البحر من الكائنات الحية، ويطلق ملك آخر حرارة الشمس بأجمعها على الذين لم يتوبوا، ويلف ملك غيره الأرض في ظلام دامس؛ ويقود أربعة من الملائكة ضعفي عشرة آلاف مرة عشرة آلاف من الفرسان يذبحون ثلث أهل الأرض، ويخرج أربعة فرسان يقتلون الناس "بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض"(٧٨). ويحدث زلزال تندك منه الأرض، وتسقط قطع ضخمة من البرد على من بقي من الكفار، وتدمر روما تدميراً تاماً. ويجتمع ملوك الأرض ليقفوا وقفتهم الأخيرة في وجه الله،