ولكنهم يموتون عن آخرهم، ويلقى بالشيطان وأتباعه إلى الجحيم بعد أن يمنوا بالهزيمة في كل مكان. ولن ينجو من هذه الكارثة إلا المسيحيون الصادقون؛ والذين عذبوا من أجل المسيح، والذين غسلوا في دم الخروف (٧٩) سيجزون الجزاء الأوفى.
ثم يطلق الشيطان بعد ألف عام ليفترس بني الإنسان، وتعود الخطيئة فتفشوا مرة أخرى في عالم خال من الإيمان، وتبذل قوى الشر آخر جهدها لتفسد عمل الله. ولكنها تُغلب مرة أخرى، ويلقى بالشيطان وأتباعه هذه المرة في الجحيم حيث يبقون جميعاً إلى أبد الدهر. ثم يحل يوم الحساب الأخير فيقوم الموتى جميعاً من القبور، ويخرج الغرقى من البحار. وفي ذلك اليوم الرهيب "يلقى في البحيرة المتقدة بنارٍ وكبريت" كل "مَن لم يوجد مكتوباً في سفر الحياة"(٨٠)، ويجتمع المؤمنون ليأكلوا "لحوم ملوك، ولحوم قواد، ولحوم أقوياء … ولحوم الكل حراً وعبيداً، صغيراً وكبيراً"(٨١)، وممن لم يبالوا بدعوة المسيح. وستقوم سماء الله مهيأة لتكون جنة على الأرض، وستكون أساساتها من الحجارة الكريمة، ومبانيها من فضة أو ذهب شبه زجاج نقي، وسورها يشب، وكل باب من أبوابها الاثنى عشر لؤلؤة واحدة، وسيجري فيها نهر صافِ من ماء حياة تنمو على ضفته "شجرة حياة". ويُقضى على حكم الشر إلى أبد الدهر، ويرث الأرض من يؤمنون بالمسيح، "والموت لا يكون فيما بعد، ولا يكون حزن، ولا صراخ، ولا وجع فيما بعد"(٨٢).
ولقد كان لسفر الرؤيا أثر عاجل عميق دائم، وكان ما تنبأ به من نجاة للمؤمنين الصادقين ومن عذاب لأعدائهم هو الدعامة القوية التي حفظت حياة الكنيسة في عصور الاضطهاد. كذلك كانت فكرة العهد السعيد سلوى أولئك الذين أحزنهم طول انتظارهم عودة المسيح. وسرى ما فيه من صور واضحة وعبارات مشرقة في أقوال العالم المسيحي الشعبية والأدبية، وظل الناس تسعة عشر قرناً