من أنه مهمل في شعائر العبادة الفعلية إهمال الملك الدستوري في أوربا الحديثة؛ و"براهما" و"شيفا" و"فشنو" هم الثلاثة الآلهة (لا الثالوث) الذي يسيطرون على الكون، وأما "فشنو" فهو إله الحب الذي كثيراً ما انقلب إنسانا ليتقدم بالعون إلى بني الإنسان؛ وأعظم من يتجسد فيه "فشنو" هو "كرشنا"، وهو في صورته "الكرشنية" هذه، قد ولد في سجن وأتى بكثير من أعاجيب البطولة والغرام، وشفى الصم والعمي، وعاون المصابين بداء البرص، وذاد عن الفقراء، وبعث الموتى من قبورهم؛ وكان له تلميذ محبب إلى نفسه، وهو "أرجونا"، وأمام "أرجونا" تبدلت خلقة "فشنو" حالاً بعد حال؛ ويزعم بعض الرواة أنه مات مطعوناً بسهم، ويزعم آخرون أنه قتل مصلوباً على شجرة؛ وهبط إلى جهنم ثم صعد إلى السماء، على أن يعود في اليوم الآخر ليحاسب الناس أحياءهم وأمواتهم (١١).
الحياة، بل الكون كله، لها في رأي الهندي ثلاثة وجوه رئيسية: الخلق، والاحتفاظ بالمخلوق، ثم الفناء؛ ومن ثم كان للألوهية عنده ثلاث صور: براهما الخالق، وفشنو الحافظ، وشيفا المدمر؛ تلك هي "الأشكال الثلاثة" التي يقدسها الهنود أجمعين ماعدا الجانتيين منهم (١)؛ والناس منقسمون بحبهم طائفتين: إحداهما تميل إلى ديانة فشنو، والأخرى إلى ديانة شيفا؛ وكلتا العقيدتين بمثابة الجارتين المسالمتين، بل قد تتقدم كلتاهما بالقرابين في معبد واحد (١٣)، والحكماء من البراهمة- تتبعهم الأكثرية العظمى من سواد الناس- تكرم الإلهين معاً بغير تمييز لأحدهما؛ أما الفشنيون الأتقياء فيرسمون
(١) في تعداد سنة ١٩٢١ م، ينقسم الناس من حيث دياناتهم كما يلي: الديانة الهندوسية ٠٠٠ ر ٢٦١ ر ٢١٦؛ والسيخ ٠٠٠ ر ١٣٩ ر ٣؛ والجانتيون ٠٠٠ ر ١٧٩ ر ١؛ والبوذية ٠٠٠ ر ٥٧١ ر ١١ (تقريبا كلهم من أهل بورما وسيلان)؛ والزرادشتية (أو الفارسية) ٠٠٠ ر ١٠٢؛ والمسلمون ٠٠٠ ر ٧٣٥ ر ٦٨؛ واليهود ٠٠٠ ر ٢٢؛ والمسيحيون ٠٠٠ ر ٧٥٤ ر ٤ (أغلبهم أوربيون).