على جباههم كل صباح بالطين الأحمر علامة فشنو، وهي شوكة ذات أسنان ثلاث؛ وأما الشيفيون المخلصون لعقيدتهم فيرسمون ثلاثة خطوط أفقية على جباههم برماد من روث البقر، أو يلبسون "اللنجا"- رمز عضو الذكورة- ويربطونه على أذرعتهم أو يعلقونه حول أعناقهم (١٤).
وعبادة "شيفا" هي من أقدم وأعمق وأبشع العناصر التي منها تتألف الديانة الهندية؛ فيقدم لنا "سير جون مارشل""دليلاً لا يأتيه الباطل" على أن عقيدة "شيفا" كانت موجودة في "موهنجو- دارو"، متخذة أحياناً صورة شيفا ذي الرءوس الثلاثة، وأحياناً أخرى صورة أعمدة حجرية صغيرة، يزعم لنا أنها ترمز لعضو الذكورة على نحو ما ترمز له عندهم بدائلها في العصر الحديث؛ وهو يخلص من ذلك إلى نتيجة هي أن "العقيدة الشيفية أقدم عقيدة حية في العالم كله"(١).
واسم الإله- أعني كلمة شيفا- لفظة أريد بها التخفيف من بشاعة هذا الإله، فالكلمة شيفا معناها الحرفي "العطوف" مع أن شيفا في حقيقة الأمر إله القسوة والتدمير قبل كل شئ آخر؛ هو تجسيد لتلك القوة الكونية التي تعمل واحدة بعد أخرى، على تخريب جميع الصور التي تتبدى فيها حقيقة الكون- جميع الخلايا الحية وجميع الكائنات العضوية، وكل الأنواع، وكل الأفكار وكل ما أبدعته يد الإنسان، وكل الكواكب، وكل شيء؛ ولم يسبق الهنود شعب قط في شجاعتهم في مواجهة الحقيقة التي هي عدم ثبات الأشياء على صورها ووقوف الطبيعة من كل شئ موقف الحياد، مواجهة صريحة؛ ولم يسبقهم شعب قط في اعترافهم اعترافاً واضحاً بأن الشر يتوازن مع الخير، والهدم
(١) ومع ذلك فلا تجد اسم "شيفا"- كما لا تجد اسم براهما نفسه- في كتاب "رج- فيدا"؛ ويذكر لنا "باتانجالي" النحوي صوراً شيفية ومريدين شيفيين حوالي سنة ١٥٠ ق. م.