وانضم إلى مثرداتس في ثورته على رومة؛ ولما أن قبل بمبي عذره، أهدى إلى القائد المنتصر ٦٠٠ وزنة (٢١. ٦٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي)، و ١٠. ٠٠٠ درخمة (٦٠٠٠ ريال أمريكي) لكل قائد مائة، وخمسين درخمة لكل جندي في الجيش الروماني. واعترفت أرمينية بسيادة رومة في عهد قيصر وأغسطس ونيرون وأصبحت في فترة من الزمان في عهد تراجان ولاية رومانية. لكن ثقافتها كانت رغم هذا ثقافة إيرانية، وكانت ميولها في العادة نحو بارثيا.
وكان الباثيون قد ظلوا عدة قرون يحتلون الإقليم الواقع جنوب بحر الخزر بوصفهم رعايا الملوك الأكيمينيين ثم الملوك السلوقيين. وكان هؤلاء البارثيون من العنصر السكوذي- التوراني أي أنهم من جنس الشعوب الضاربة في الجنوب الشرقي من روسيا وفي بلاد التركستان. وفي عام ٢٤٨ ق. م خرج زعيم سكوذي يدعى أرساسيس على حكم السلوقيين، وجعل بارثيا دولة مستقلّة ذات سيادة، وأنشأ فيها أسرة أرساسية مالكة. ولما ضعف الملوك السلوقيون على أثر هزيمة رومة لأنتيخوس الثالث (١٨٩ ق. م) عجزوا عن حماية بلادهم من البارثيين الهمج المتهورين، فلم يَكَد يختتم القرن الثاني قبل الميلاد حتى كانت أرض الجزيرة وفارس بأكملها قد ضمت إلى الإمبراطوريّة البارثية الجديدة. وكان للملوك البارثيين الجدد ثلاث عواصم يقيمون فيها في فصول السنة المختلفة: هكتومبيلس Hecatompylus في بارثيا، وإكبتانا (محل همذان) في نيديا، وطشقونة Ctesiphon على المجرى الأدنى لنهر دجلة. وعلى الضفة الأخرى للنهر المقابل لطشقونة كانت تقوم العاصمة السلوقية القديمة وهي مدينة سلوقيا التي ظلّت عدة قرون مدينة يونانية في مملكة بارثية: وقد احتفظ الحكام الأرساسيون بالنظام الإداري الذي أقامه السلوقيون، ولكنهم غشوه بنظام إقطاعي أخذوه عن الملوك الأكيمينيين. وكانت جمهرة الشعب تتألف من أقنان الأرض والرقيق؛ وكانت الصناعة متأخرة وإن كان صاهرو الحديد البارثيون قد استطاعوا أن يخرجوا منه نوعاً جيداً،