للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وألح على رينييه أن يتنازل عن بروفنس للتاج الفرنسي (١٤٨١)، وبعد ذلك بعام عادت أنجوومين إلى الملكية، وفي عام ١٤٨٣ تنازلت فلاندرز، وكانت تنشد معنونة لويس ضد الإمبراطورية الرومانية المقدسة، عن كونتية ارتوا مع المدنيتين المزدهرتين اراس ودواي. وهكذا قهر لويس البارونات وسيطر على مجالس البلديات والولايات فأنجز بذلك لفرنسا تلك الوحدة القومية والإرادة المركزية التي أنجز مثلها بعد عشر سنوات هنري الرابع، لإنجلترا، فرديناند وايزابلا لأسبانيا، واسكندر السادس للولايات البابوية. وهذا الصنيع وإن أحل طغيان أفراد كثيرين، إلا أنه كان في ذلك الوقت حركة تقدمية، توطد النظام في الداخل والأمن في الخارج، وتثبت العملة والمقاييس، وتذيب اللهجات في لغة واحدة، وتعين على نمو أدب وطني لفرنسا. ولم تكن الملكية مطلقة، فقد احتفظ النبلاء بسلطات كبيرة، وكانت موافقة مجلس الولايات ضرورية، في العادة لإقرار الضرائب الجديدة. وأعفى النبلاء والموظفون ورجال الدين من الضرائب. أعفى النبلاء على أساس أنهم حاربوا من أجل الشعب، والموظفون لأنهم كانوا يبخسون في الأجر والرشوة، ورجال الدين لأنهم يحمون الملك والوطن بصلواتهم. وكان الرأي العام والعرف السائد يحدان من سلطة الملك، وكانت المجالس المحلية لا تزال تزعم أن أي مرسوم ملكي بقانون لا يصبح نافذاً في مناطقهم إلا إذا وافق الأعضاء عليه ووثقوه. ومهما يكن من شيء فقد فتح الطريق للملك لويس الرابع عشر ونظام "أنا الدولة".

وأخذ لويس نفسه بين هذه الانتصارات جميعاً يذوي جسماً وعقلاً. فسجن نفسه في بليسيه- ليه- تور، خوفاً من الاغتيال، وارتاب في الجميع، وقلما رأى إنساناً، وعاقب على الأخطاء والنقائض بقسوة، وارتدى بين الحين والآخر حللاً تناقض فخامتها أرديته الخشنة في مطلع حكمه