نائبة الملك الحكم وعاشت بقية حياتها، وهي إحدى وثلاثين سنة آمنة في زوايا النسيان.
أما الملكة الجديدة، وإن اتفقت معها في الاسم إلا أن شخصيتها كانت مختلفة تمام الاختلاف، فلقد كانت قصيرة مسحاء نحيفة عرجاء، غليظة الأنف واسعة الفم على وجه قوطي طويل، ولها عقلها الخاص بها، وفيها من الدهاء والبخل ما كان في كل بريتاني. ومع أنها كانت بسيطة في ثيابها، بحلتها وقلنسوتها السوداوين، إلا أنها كانت في المناسبات الرسمية-تتلألأ بالجواهر والثياب الموشاة بالذهب، وهي لا شارل التي قربت الفنانين والشعراء، وكلفت جان بورديشون أن يصور "صلوات آن أميرة بريتاني". ولم تنسَ قط موطنها الحبيب بريتاني وطرائقها في الحياة، فغلفت كبريائها بالتواضع، وعكفت على حياكة الثياب، وكافحت من أحل إصلاح أخلاق الملك وحاشيته.
ويقول برنتوم الثرثار "إن شارل يشغف بالنساء أكثر مما تحتمله، بنيته النحيلة". واقتصر بعد زواجه على خليلة واحدة. ولم يكن يستطيع أن يشكو من منظر زوجته، فلقد كان هو نفسه طويل الرأس أحدب، قسماته تنم عن السذاجة، عيناه واسعتان بلا لون، قصير النظر، وشفته السفلى غليظة ومتدلية، وتردد في الحديث، ويداه ترتعشان في تشنج. ومع ذلك كان حسن الطبع، رحيماً مثالياً في بعض الأحيان. ويقرأ قصص الفروسية، وامتلأ رأسه بفكرة إعادة فتح نابلي لفرنسا وبيت المقدس للعالم المسيحي. وظلت أسرة انجو، تبسط يدها على مملكة نابلي (١٢٦٨ - ١٤٣٥) إلى أن انتزعها منهم ألفونسو صاحب أراجون، وانتقلت مطالبة دوقات انجو بملكها إلى لويس الحادي عشر بالوراثة، ثم جهر شارل بالمطالبة. واعتقد مستشاروه أنه آخر إنسان في العالم يستطيع أن يقود جيشاً في حروب كبيرة، ولكنهم أملوا أن تمهد الدبلوماسية طريقه، وأن الاستيلاء على نابلي،