للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للبور-رويال، ومثار الجدل في اللاهوت الكاثوليكي الفرنسي طوال قرن تقريباً.

ومع أن الكتاب أختتم بلفتة خضوع لكنيسة روما، فإن كالفينيي الأراضي المنخفضة رحبوا به بوصفه لب الكالفنية وجوهرها (١٧). فقد قبل جانس الجبرية قبولاً تاماً كما قبلها أوغسطين ولوثر وكالفن من قبل. فحتى قبل أن يخلق الله العالم، أختار تعالى أولئك الرجال والنساء الذين ينبغي أن يخلصوا، وقرر من ينبغي أن يهلكوا؛ وأعمال البشر الصالحة، وإن تكن ذات قيمة، لا يمكن أن تكسبه الخلاص دون معونة من النعمة الإلهية، وقليلون هم الذين سيخلصون حتى بين القلة الصالحة. أما الكنيسة الكاثوليكية فلم تكن أنكرت صراحة جبرية القديس بولس والقديس أوغسطين، ولكنها تركتها تتوارى في خلفية تعليمها، لصعوبة التوفيق بينها وبين حرية الإرادة، التي بدا أنها شرط لا غنى عنه-منطقياً-للمسئولية الخلقية ولفكرة الخطيئة. ولكن إرادة الإنسان في رأي جانس ليست حرة، فقد فقدت حريتها بخطيئة آدم. وأصبحت طبيعة الإنسان الآن فاسدة فساداً يعجزه عن تخليص نفسه، ولا يمكن أن يخلصه غير نعمة الله التي أكتسبها بموت المسيح. أما دفاع اليسوعيين عن حرية الإرادة فقد بدا لجانس أنه يغالي في دور الأعمال الصالحة في نيل الخلاص، ويجعل موت المسيح، ذلك الموت الذي افتدى الخطاة، أمراً لا ضرورة له تقريباً. ثم نبه إلى أننا يجب ألا نأخذ المنطق مأخذ الجد الشديد، فالعقل ملكة أدنى بكثير من الإيمان الواثق المسلم، كما أن للممارسات الطقسية ضرب من الدين أدنى من اتصال النفس المباشر بالله.

وقد وصلت هذه الأفكار إلى البور-رويال بطريق دوفرجييه، الذي كان أثناء ذلك قد أصبح رئيساً لدير سان-سيران. وقد وفد مسيو دسان-سيران، كما سمي الآن، على باريس وهو يتقد غيرة وتحمساً