ليجد ويشعر بالجمال الإلهي الذي يكمن بدرجات متفاوتة في كل ما هو على الأرض.
ولما كان سينسر يعيش على بركان من الشقاء في إيرلندا، فانه كان من الموت قاب قوسين أو أدنى، في كل يوم. وقبل أن ينفجر بركان الثورة ثانية، كتب في نثر رقيق (لأن الشاعر وحده هو الذي يستطيع أن يكتب نثراً جيداً)"رأيه في الحالة الراهنة في إيرلندا" يدافع عن طريقة أفضل لاستخدام الأموال وترتيب الجنود الإنجليز لإخضاع الجزيرة. وفي أكتوبر ١٥٩٨ قام الايرلنديون الذين جردوا من أملاكهم في مونستر بثورة وحشية، وطردوا المستوطنين الإنجليز وأحرقوا حصن كلكلمان. ونجا سبنسر وزوجته بحياتهما وهربا إلى إنجلترا. وبعد شهور ثلاثة، وقد انتهى رصيد الهوى والمال، قضى الشاعر نبه (١٥٩٩)، ودفع ارل اسكس الأصغر- الذي قدر له أن يلحق بسبنسر بعد فترة وجيزة، ودفع نفقات الجنازة، التي سار فيها النبلاء والشعراء الذين نثروا الأزهار، وألقوا المراثي على قبره في كنيسة وستمنستر.
وسادت إنجلترا الآن لهفة جنونية على نظم "السونيت"، نافست اللهفة على الدراما، وكلها تقريباً غاية في براعة الشكل، ذات قالب واحد من حيث الموضوع الرئيسي والعبارة، وكلها تقريباً موجهة إلى العذارى أو الحماة، تنعى عليهم أنهم يغلون أيديهم إلى أعناقهم أو لا يبسطونها إلى الشعراء، وكانوا يستحثون الجمال على أن يأذن بقطف ثماره قبل أن تذبل عن سوها. وقد تقتحم القصيدة في بعض الأحيان نغمة مبتكرة ويبشر العاشق سيدته بمولود مكافأة لها على الاقتران السريع. وينقب كل شاعر فيجد فتاة أحلامه- دانيل: دليا، لودج: فيليس، كونستابل: ديانا، فولك جريفيل: ساليا. وكان أشهر ناظمي السونيت هؤلاء، هو صمويل دانيل، على أن بن جونسون- الذي كان "قاسياً" أكثر منه "لذاً"- قال عنه إنه "رجل أمين وليس شاعراً (٣٢) " وحرمت قصيدة ميشيل درايتون " Pegasus" حول كل أشكال الشعر، بما كان له من قدم في النثر. ولكن إحدى قصائده ضربت على نغمة جديدة، فوخزت الفتاة ونبهتها إلى مغبة صدودها، بأن آذنها بالوداع- "إذا لم يكن ثمة رجاء أو عون، تعالي، نتبادل القبل ثم نفترق".