البنادقة، وصورة يعقوب وراحيل الموجودة في معرض درسدن ويرى فيها راع وسيم يقبل فتاة ناهدة. ولولا أن تيشيان قد رسم نحو خمسين صورة أعمق من صور بالما لكانت هذه الصورة الخيرة في مستوى أحسن صور عصره وبلده.
وأتخذ تلميذه بنيفادسيو دي بيتاتي Bonifazio de' Pitati، المسمى فيرونيز نسبة إلى مسقط رأسه، طراز صورة العيد الريفي Fete Champetre لجيورجيوني وصورة ديانا لتيشيان، وذلك حين نقش على جدران البندقية وأثاث بيوتها صوراً جذابة للمناظر الطبيعية والجسام العارية، وإن صورة ديانا وأكتابون لتضارع صور هذين الأستاذين.
واكن لورندسو لتو Lorenzo Lotto أقل منزلة عند مواطنيه من بنفادسيو في أيامهما، ولكن شهرته زادت على مر السنين. وكان لورندسو هذا ذا روح حيية مكتئبة ولهذا لم تكن تناسبه حياة مدينة البندقية التي لم تكد تسكت فيها دقات الأجراس ونغمات المرنمين حتى عادت الوثنية فيها إلى ما كان لها من السيطرة. وقد رسم وهو في العشرين من عمره صورة تعد من أعظم صور النهضة ابتكاراً وهي صورة القديس جيروم المحفوظة في متحف اللوفر. وليست هذه صورة مبتذلة للزاهد الضامر الجسم، بل تكاد تكون دراسة صينية للأخاديد القائمة والصخور الجبلية، ليس العالم الشيخ فيها إلا عنصراً مصغراً، لا تكاد العين تقع عليه لأول وهلة. وتلك هي أولى الصور الأوربية التي تمثل الطبيعة بما لها من قوة برية لا يوصفها مظهراً خيالياً في مؤخرة الصورة. وانتقل لورندسو بعدئذ إلى تريفيزو حيث نقش على ظهر مذبح كنيسة سانت كرستينا صورة العذراء على العرش وهي الصورة العظيمة التي أذاعت شهرته في جميع إيطاليا الشمالية. ثم أصاب نجاحاً آخر حين رسم صورة للعذراء لكنيسة القديس دمنيكو في ركاناتي recanati استدعي بسببها إلى روما، حيث طلب