للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأنه مستودع للرموز المقوية للإيمان، وابتدعت منه مخلوقات إضافية ابتكرها الخيال للهو والتسلية، أو خلقتها الحاجة إلى التقى والصلاح. انظر مثلاً إلى قول الأسقف هونوريوس الأوتوني Honorius of Autun من رجال القرن الثاني عشر الميلادي:

وحيد القرن، وحش شديد الافتراس له قرن واحد، فإذا أريد القبض عليه وُضعت في الحقل فتاة عذراء، إذا رآها اقترب منها واستراح في حجرها، وبذلك يُقبض عليه. ويمثل هذا الحيوان المسيح، ويمثل قرنه قوة المسيح التي لا تُغلب … فقد انتزعه الصيادون وهو في رحم عذراء - أي أن الذين أحبوا المسيح وجدوه في صورة إنسان (٤٢).

وكان أقرب كتب الأحياء إلى العلم الصحيح في العصور الوسطى هو كتاب فردريك الثاني المسمى "فن القنص بالطير" وهو رسالة في هذا الفن في ٥٨٩ صفحة، تعتمد فيما تعتمد عليه على المخطوطات اليونانية والإسلامية، ولكن الجزء الأكبر منها مستمد من الملاحظة والتجربة. وكان فردريك نفسه من أشهر الصائدين بالبزاة؛ ويحتوي وصفه لأجسام الطير على عدد كبير من المعلومات الأصيلة التي لم يسبقه إليها غيره من المؤلفين، ويدل تحليله لطيران الطيور وهجرتها، وتجاربه في تفريخ البيض بالطرق الصناعية، وأعمال الصقورة، على روح علمية لا نظير لها في أيامه (٤٣). وقد وضح فردريك نصوص كتابه بمئات من صور الطير، ربما كانت من صنع يده - وهي رسوم "صادقة حتى في أدق التفاصيل" (٤٤). ولم تكن مجموعات الحيوانات التي جمعها، مجرد هوى شاذ يقصد به التظاهر كما كان يظن بعض معاصريه، بل كانت معملاً يدرس فيه دراسة مباشرة مسلك الحيوانات. وبذلك كان هذا الإسكندر أرسطو نفسه.