وفي أكتوبر ١٨٠٨ رأس نابليون مؤتمراً من ستة ملوك وثلاثة وأربعين أميراًفي أرفورت، وأعاد رسم خطة ألمانيا، وحضر الدوق كارل أوجست المؤتمر واصطحب جوته في بطانته. وطلب نابليون إلى جوته أن يزوروه في ٢ أكتوبر، وذهب الشاعر، وأنفق ساعة مع الغازي، وتاليران، وقائدين، وفريدريش فون مولر، وهو قاضي فايماري. وهنأه نابليون على عافيته (وكان جوته يومها في التاسعة والخمسين)، واستفسر عن أسرته، ثم دخل في نقد جريء لفتر. وقد عاب الدرامات الشائعة التي تؤكد على القضاء والقدر "فلم الحديث عن القضاء والقدر؟ إن السياسة هي القضاء والقدر … ما قول المسيو جوته في هذا؟ " ولا علم لنا بجزاب جوته ولكن موللر روى أن نابليون قال لقواده معلقاً بينما جوته يبرح الحجرة "هاكم رجلاً! "(٣).
وفي ٦ أكتوبر عاد نابليون إلى فايمار، واصطحب معه فرقة ممثلين من باريس من بينهم تالما العظيم. ومثلوا في مسرح جوته مسرحية فولتير "موت قيصر" وعقب الحفلة انتحى نابليون بجوته جانباً وناقش معه التراجيديا، فقال "إن الدراما الجادة تصلح جداً لأن تكون مدرسة للأمراء كما هي مدرسة الشعب، لأنها من بعض نواحيها فوق التاريخ … يجدر بك أنت أن تصور موت قيصر صورة أبهى مما صوره فولتير، وتبين كم كان قيصر (نابليون) سيسعد العالم لو أن الشعب أتاح له الوقت لإنفاذ خططه السامية. "ثم بعد قليل" لا بد أن تأتي إلى باريس! إني أوجه إليك هذا الرجاء المشدد! ستتاح لك هناك نظرة أوسع للعالم، وستجد ذخيرة من الموضوعات لشعرك"(٤) وحين مر نابليون بفايمار ثانية عقب تقهقره المشئوم من موسكو طلب إلى السفير الفرنسي أن يبلغ جوته تحياته.
وأحس الشاعر أنه في بونابرت قد التقى، على حد تعبيره، بـ "أعظم فكر شهده العالم"(٥) إلى الآن. وقد وافق تماماً على حكم نابليون لألمانيا، فلم يكن هناك ألمانيا على أية حال (كما كتب جوته في ١٨٠٧) إنما هي خليط من الدويلات، أما الإمبراطورية الرومانية المقدسة