السبيل إلى تخل هذا كله في قصة رمزية عصرية وشكل درامي؟ لقد ظل جوته يحاول تحقيق هذا الهدف ثمانية وأربعين عاماً.
وكان قد تعلم قصة فاوست (٧) في طفولته من كتيبات القصص الشعبية ومسارح الدمى، ورأى صوراً لفاوست والشيطان على جدران حانة آورباخ في ليبزج. وتطفل هو نفسه في شبابه على السحر والخيمياء. وامتزج بحثه الدءوب عن الفهم بتصوره لفاوست، ودخلت قراءته لفولتير وإلمامه بتهكمات هردر في تصويره لفستوفيليس، وأعطت جريتشن التي أحبها في فرنكفورت، وفردريكه بريون التي هجرها في زيزنهايم، لمارجريت اسمها وصورتها.
ويتجلى عمق تأثر جوته بقصة فاوست، وتباين الأشكال التي اتخذتها في فكره، إذا علمنا أنه شرع في تأليف المسرحية في ١٧٧٣ فلم يفرغ منها إلا في ١٨٣١. وحين التقى بهردر في ١٧٧١ كتب في ترجمته الذاتية:
"أخفيت عنه في تكتم شديد اهتمامي بشخوص معينة أصلت جذورها في كانت تشكل نفسها شيئاً فشيئاً في صورة شعرية. وتلك هي جوتزفون برليشنجن وفاوست … فمسرح عرائس فاوست ذو المغزى كان يجلجل ويتردد في باطني بأنغام كثيرة. كذلك كنت قد طوفت في شتى ضروب العلم، وانتهيت في فترة مبكرة من حياتي إلى تبين بطلانه، ثم إنني جربت كل أساليب العيش في الحياة الواقعية، وكنت دائماً أعود منها ضيق النفس غير راض عنها. هذه الأشياء وغيرها حملتها معي وسعدت بها في ساعات العزلة ولكن دون أن أكتب شيئاً"(٨).
وفي ١٧ سبتمبر ١٧٧٥ كتب إلى مراسل يقول:"أحسست بانتعاش هذا الصباح وكتبت مشهداً في مسرحيتي فاوست"(٩). وفي تاريخ لاحق من ذلك الشهر سأله. بوهان تسمرمان عن سير المسرحية. "فأتي بحقيبة مملوءة بمئات من قطع الورق وألقاها على المائدة. وقال: هاك فاوستي"(١٠). وحين ذهب إلى فايمار (نوفمبر ١٧٧٥) كان أول شكل للدراما قد اكتمل (١١). ولكنه نحاها لأنه لم يرض عنها، ولم تصل "فاوست الأصلية"