للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ثمانين إلى تسعة عشر، وفي آخر من خمسين إلى أربعة (٥). وقد أغلق مرسوم ملكي صادر عام ١٧٦٦ جميع الأديرة التي تضم أقل من تسعة نزلاء، ورفع السن المسموح بها لنذر الرهبنة من ست عشرة سنة إلى إحدى وعشرين سنة للرجال، وإلى ثماني عشرة للنساء. وكانت أخلاق الرهبان منحلة. كتب رئيس أساقفة تور في ١٧٧٨: "أن الأخوة الرماديين (الفرنسسكان) في حالة انحطاط في هذا الإقليم، ويشكو الأساقفة من خلاعتهم وما في حياتهم من فوضى" (٦). أما أديرة الراهبات فكانت في حالة طيبة. وكان هناك ٣٧. ٠٠٠ راهبة يضمهن ١. ٥٠٠ دير في فرنسا عام ١٧٧٤ (٧)، وكانت أخلاقهن فاضلة، وقد نشطن لمهامهن في تعليم الفتيات، والخدمة في المستشفيات، وتقديم المأوى للأرامل، والعوانس، والنساء اللائي تحطمن في معركة الحياة.

وحسن حال الأكليروس من غير الرهبان مادياً في مقار الأسقفيات وساء في الأبرشيات. وقد كان هناك الكثير من الأساقفة المخلصين المجتهدين، وبعض الكسالى المتشبثين بمتع الحياة الدنيا. وقد وجد بيرك أثناء زيارته لفرنسا عام ١٧٧٣ بعض الأساقفة ممن يعيبهم الجشع، ولكن السواد الأعظم منهم وقعوا من نفسه خير الموقع بعلمهم ونزاهتهم (٨). وقد خلص مؤرخ ألم بكتب الفصائح إلى هذا الحكم "يمكن القول بصفة عامة أن الرذائل التي استشرت في جسم الأكليروس كله خلال القرن السادس عشر قد اختفت في القرن الثامن عشر. وكان قساوسة الريف عادة رجالاً ذوي أخلاق كريمة، متقشفين، فضلاء (٩) رغم قانون التبتل"، وقد شكا كهنة الأبرشيات هؤلاء من الكبرياء الطبقية في الأساقفة، كانوا كلهم نبلاء، ومن إلزامهم بتحويل الجزء الأكبر من العشور إلى الأسقف، وما ترتب على ذلك من فقر ألجأ القساوسة إلى أن يفلحوا الأرض كما يخدمون الكنيسة. وقد تأثر لويس السادس عشر من احتجاجاتهم، وأمر برفع رواتبهم من خمسمائة جنيه في العام إلى سبعمائة. فلما أقبلت الثورة أيد كثيرون من صغار الكهنة الطبقة الثالثة. كذلك ظاهر بعض الأساقفة الإصلاح السياسي والاقتصادي، ولكن أكثرهم ظل صلباً لا يلين في عدائه لأي تغييرات في الكنيسة أو الدولة (١٠).