وحين أشرفت خزانة فرنسا على الإفلاس ظهر ثراء الكنيسة مناقضاً لفقر الدولة تناقضاً مغرياً بالعدوان عليه، وبدأ أصحاب الصكوك الذين تشككوا في قدرة الحكومة على دفع فائدة قروضهم أو أصولها يرون في نزاع أكلاك الكنيسة السبيل الأوحد لإصلاح مالية البلاد. والتقى رفض العقيدة المسيحية المنتشر مع هذا الدافع الاقتصادية.
وزكا الإيمان الديني في القرى، وخبا في المدن؛ وفي المدن احتفظت نساء الطبقتين الوسطى والدنيا بتدينهن التقليدي. قالت مدام فيجيه-ليرون مسترجعة ذكرى ماضيها "كانت أمي تقية جداً. وكنت أنا أيضاً تقية في قرارة نفسي. وقد ألفنا دائماً أن نستمع إلى القداس المطول ونختلف إلى خدمات الكنيسة"(١١). وكانت الكنائس تكتظ بالمصلين في الآحاد والأعياد الدينية (١٢). ولكن عدم الإيمان بين الرجال كان قد تسلط على نصف العقول القائدة. وفي أوساط النبلاء أصبحت الشكوكية المرحة زياً راج حتى بين النساء. كتب مرسييه في كتابه "صورة باريس" في ١٧٨٣ يقول: "ولم يحضر أفراد المجتمع العصري القداس طوال السنوات العشر الماضية، فإذا حضروا فلكيلا يصدموا شعور أتباعهم الذين يعرفون أنهم يفعلون هذا إرضاء لهم"(١٣)، وحذا القطاع الأعلى من الطبقة الوسطى حذو الأرستقراطيين. أما في المدارس "فإن مدرسين كثيرين سرت إليهم عدوى الإلحاد بعد عام ١٧٧١"(١٤)، وأهمل كثير من الطلاب حضور القداس وقرأوا كتب الفلاسفة. وفي ١٧٨٩ صرح الأب بونفاكس بأن "أخطر فضيحة، والفضيحة التي ستجر أوخم العواقب، هي الهجر التام تقريباً للتعليم الديني في المدارس العامة"(١٥). وقد قيل عن إحدى الكليات أن "ثلاثة من البلهاء فقط" هم الذين يؤمنون بالله (١٦).
أما بين الأكليروس فقد اختلف الإيمان عكسياً باختلاف الدخول. فالأساقفة "قبلوا المبادئ النفعية التي قال بها جماعة الفلاسفة، واحتفظوا بالمسيح واجهة ساترة فقط"(١٧). وكان مئات من رؤساء الأديرة مثل مابليه،