وكوندياك، وموريلليه، ورينال، هم أنفسهم "فلاسفة"، أو معتنقين للشكوك السارية. ثم أساقفة كتاليران لم يتظاهروا بالإيمان المسيحي إلا قليلاً؛ ورؤساء أساقفة مثل لومنيه دبريين، شكا لويس السادس عشر من عدم أيمانهم بالله (١٨). وقد رفض لويس أن يكلف قسيساً بتعليم ولده مخافة أن يفقد الغلام إيمانه الديني (١٩).
وواصلت الكنيسة مطالبتها بالرقابة على المطبوعات. ففي عام ١٧٧٠ أرسل الأساقفة إلى الملك مذكرة تناولت "العواقب الخطيرة لحرية التفكير والنشر"(٢٠). وكانت الحكومة في عهد لويس الخامس عشر قد تساهلت في تطبيق القوانين التي منعت دخول البروتستانتي إلى فرنسا، فكان منهم الآن مئات في المملكة، يحيون في ظل قيود سياسية، وفي زيجات لا تعترف بها لدولة، وفي خوف كل يوم من أن تطبق عليهم في أي لحظة قوانين لويس الرابع عشر القديمة. وفي يوليو ١٧٧٥ التمس مؤتمر من رجال الدين الكاثوليك من الملك أن يحظر اجتماعات البروتستانت، وزيجاتهم، وتعليمهم، وأن يحرم البروتستانت من جميع المناصب العامة؛ كذلك طلب خفض السن التي يسمح فيها بنذر الرهبنة إلى السادسة عشرة (٢١). وناشد طورجو لويس السادس عشر أن يغفل هذه المقترحات، وأن يخفف إن البروتستانت قيودهم، فشارك الكهنة في الحملة لإقصائه. وفي ١٧٨١ أحرقت الطبعة الثانية من كتاب رينال "التاريخ الفلسفي لجزر الهند الشرقية والغربية" بأمر من برلمان باريس، ونفي المؤلف من فرنسا. وهاجمت السوربون بوفون لأنه وصف تطوراً طبيعياً للحياة. وفي ١٧٨٥ طالب الأكليروس بالحكم بالسجن المؤبد على الأشخاص الذين يدانون ثلاث مرات بالإلحاد (٢٢).
غير أن الكنيسة التي أوهن بأسها قرن من الهجمات لم تعد قادرة على الهيمنة على الرأي العام، ولا على الاعتماد على "الذراع العلمانية" في تنفيذ أوامرها. فبعد أن ظل لويس السادس عشر شديد القلق بسبب يمين التتويج التي اقسمها لمحق الهرطقة، أذعن لضغط الأفكار اللبرالية وأصدر في ١٧٨٧ مرسوماً للتسامح أعده ماليرب: "أن عدالتنا لا تسمح لنا بأن نحرم بعد اليوم