آلام الحرب والمذابح، وفي قلوب الحجاج وهم يجازفون بأنفسهم، بحثاً عن أوطان جديدة على شواطئ معادية.
وإذا استطاع خاطئ مقوم أن يتشبث بهذه الثقة، واستطاع أن يؤمن بأن تقويمه قد هيأه له الله، فإن في وسعه أن يقف راسخاً كالطود إلى النهاية. وقد رفع كالفن من قدر هذا الإحساس بالاعتزاز بالاختيار، بأن جعل الصفوة، سواء كانت معدمة أم لا، أرستقراطية وراثية: فأبناء الصفوة يصبحون بمشيئة الله (٢٠) من الصفوة، بطريقة آلية. وهكذا استطاع المرء بعمل بسيط من أعمال الإيمان بالنفس، ولو كان هذا بالتصور، أن ينال الفردوس وأن ينفذ إليها. ولمثل هذه النعم الخالدة كان أي اعتراف بالعجز صفقة رابحة.
وكان أتباع كالفن في حاجة إلى مثل هذا العزاء، لأنه علمهم وجهة النظر السائدة في القرون الوسطى، والتي تذهب إلى أن الحياة الدنيا ليس إلا وادياً للبؤس والدموع، ورحب في اغتباط بـ "تصحيح رأيهم الذي اعتبر أن أعظم نعمة ألا يولد المرء، وأن أعظم نعمة بعدها أن يموت فوراً، كما أنه لم يكن هناك شيء يتنافى مع العقل في سلوك هؤلاء الذين كانوا ينوحون ويبكون عند ولادة أقربائهم، ويبتهجون في وقار عند تشييع جنازاتهم"، ولم يأسف إلا لأن هؤلاء المتشائمين العقلاء، وهم في الغالب الأعم وثنيون جهلة بالمسيح، قد حكم عليهم بالخلود في نار جهنم (٢١). وكان ثمة شيء واحد يجعل الحياة محتملة - الأمل في سعادة مطردة بعد الموت، وقال:"إذا كانت السماء بلدنا فما الأرض سوى منفى؟ وأليست الدنيا لحداً، إذا كان الرحيل عن هذا العالم معبراً إلى الحياة؟ "(٢٢) وعلى النقيض من صورة كالفن الشعرية نجد أنه يقدم أبلغ ما سطر من صفحات، لا في وصف تخيلات الجحيم، ولكن في الحديث عن جمال السماء.
ولسوف تعاني الصفوة التقية، دون أن تجأر بالشكوى، كل ما في