للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحياء حتى الموت للاشتباه في أنهم دسوا السم (٥٦). وكانت وطأة الطاعون الدملي شديدة جداً في فرانكفرت في ١٦٠٤ حتى لم يعد هناك من الرجال من يكفي للقيام بدفن الموتى (٥٧). وتلك مبالغات واضحة، ولكن يروى عن مصادر موثوقة أنه بسبب الطاعون الدملي في إيطاليا ١٦٢٩ - ١٦٣١ مات في ميلان ٨٦ ألفاً، وفي جمهورية البندقية ما لا يقل عن ٥٠٠ ألف، وفيما بين ١٦٣٠ - ١٦٣١ كان عدد ضحايا الطاعون مليون شخص في جنوب إيطاليا وحده (٥٨)، وقلما سار معدل الإنجاب عند النساء مع شدة الدهاء وسعة الحيلة في إزهاق الأرواح. وضوعفت آلام الوضع بتزايد عدم جدواه. وكانت نسبة الوفيات في الأطفال تبلغ خمس المواليد قبل إتمام السنة الثانية من العمر (٥٩) وكانت الأسرات كبيرة والسكان قليلين.

وكانت الصحة العامة آخذة في التحسن، والمستشفيات يتضاعف عددها وتعليم الطب يصطبغ بالتشدد والصرامة-ولو أنه كان من الميسور الاشتغال بالطب دون الحصول على درجة علمية. وكان في بولونا وبادوا وبازل وليدن ومونبيلييه وباريس مدارس طب ذائعة الصيت تجذب إليها الطلاب من كل أنحاء أوربا الغربية. وأمامنا مثال فذ من البحث الطبي الدءوب طيلة ثلاثين عاماً من التجارب حاول بها سانكتوريوس تحويل العمليات الفسيولوجية إلى نظم كمية. وأنجز قدراً كبيراً من عمله بينما كان جالساً إلى مائدة على ميزان كبير، وسجل ما يطرأ على وزنه من تغيرات عند دخول أو خروج المواد الصلبة والسوائل، بل إنه وزن العرق نفسه. ووجد أن جسم الإنسان يخرج بضعة أرطال يومياً عن طريق التنفس العادي. وانتهى إلى أن هذا شكل جوهري من أشكال الطرد أو التخلص من الزوائد. واخترع مقياساً طبياً للحرارة (١٦١٢) وآخر للنبض، ليعاون هذا وذاك في تشخيص الأمراض.

وكان العلاج يتدرج من الضفدعة إلى العلقة. ووصف بعض مشاهير الأطباء، كعلاج، الضفادع المجففة تخاط في كيس يعلق على الصدر، كمصيدة