يتصيد ويمتص الهواء الفاسد المسموم المحيط بالجسم في المناطق المصابة بالطاعون (٦٠). وجمعوا بين امتصاص الدم بالعلقات أو بالحجم، وبين تناول مقادير كبيرة من الماء، على أساس أن بعض السائل الداخل إلى الجسم سوف يتحول إلى دم جديد غير الملوث. وكانت ثمة مدرستان للعلاج تتباريان على الفريسة، وهو المريض: مدرسة العلاج الميكانيكي التي نشأت عن آراء ديكارت التي تقول بأن كل عمليات الجسم ميكانيكية، ومدرسة العلاج الكيميائي التي بدأها باراسلسوس، وطورها هلمونت. والتي تفسر كل وظائف الأعضاء بأنها كيمياوية. وكانت المعالجة المائية العملية الشائعة. وكانت المياه العلاجية موجودة في باث إنجلترا، وفي سبا في الأراضي الوطيئة، وفي بلومبيير في فرنسا، وفي أماكن أخرى كثيرة على الراين وفي إيطاليا، وقد رأينا مونتيني يجرب العلاج بالمياه في هذه الأماكن، ونثر حصى الكلى طوال الطريق. وأدخل إلى أوربا عقاقير جديدة، مثل الناردين (حوالي ١٥٨٠)، والأنتيمون (الأثمد) حوالي ١٦٠٣، وعرق الذهب (١٦٢٥)، والكينين (٦١٣٢). ودون دستور الصيدلة والأدوية في إنجلترا (١٦١٨) نحو ١٩٦٠ عقاراً. ويذكر مونتيني علاجات خاصة أدخرها نفر من الأطباء لمرضاهم الصبورين:
القدم اليسرى لسلحفاة، بول السحلية، روث الفيل، كبد
حيوان الخلد، الدم المستخرج من الجناح الأيمن لحمامة بيضاء.
وبالنسبة للمصابين بحصى الكلى مثلي .... روث الفأر
المسحوق … وغير ذلك من السخافات التي توحي بالسحر
والتعاويذ أكثر منها بالعلم الجاد (٦١).
وكانت مثل هذه العلاجات التافهة الغريبة باهظة التكاليف إلى حد مثير وكان الناس في القرن السابع عشر يئنون من أثمان الدواء أكثر مما يضجون من أجور الأطباء (٦٢).