في التحول عن الكاثوليكية إلى البروتستنتية، فقد تحولوا إلى الإلحاد، الذي كان أسلم لهم. وكان مقهى بروكوب، ومقهى جرادو، شأنهما شأن التامبل، ملتقيات للمفكرين الملحدين.
وإذا كان المروق عن الدين قد شارك في إطلاق الاستهتار الخلقي في الطبقة العليا، فإن الفقر تعاون مع جموح الناس الطبيعي على أحداث الفوضى الخلقية بين دهماء باريس. وقد حسب العالم لاكروا أن "الأشخاص الخطرين، والمتسولين، والمتشردين، واللصوص، والنصابين من شتى الأنواع، ربما ألفوا سدس مجموع الشعب (٥٨) ". ولنا أن نفترض أن الزنا كان يلطف من عناء الكدح بين فقراء المدن، شأنه بين أغنيائها. وأفرخت الجريمة في شتى أشكالها، من النشالين في باريس إلى قطاع الطريق العام. حقاً كان لباريس شرطة منظمة، ولكنها لم تستطع ملاحقة الجريمة، وكان رجالها أحياناً يقنعون بشطر من الغنيمة (٥٩). وفي ١٧٢١ نجحت وزارة الحرب على الأقل في القبض على كارتوتن، قاطع الطريق الفرنسي الأشهر (قريع جاك شبرد الإنجليزي) وحاصرت خمسمائة من رجال عصابته التي جعلت السفر خطراً حتى على الملوك ولم يبق على الاستقرار الخلقي للحياة الفرنسية غير طبقة الفلاحين والطبقات الوسطى.
أما في طبقة الأشراف بباريس، وبين أعيان المدن الطليقين، ومدمني الأدب أو الفن، ورجال المال ورؤساء الدين ذوي الخليلات، فقد بدا أن المبادئ الأخلاقية باتت نسياً منسياً، ولم تذكر المسيحية إلا ساعة يلتقي فيها الناس في الكنائس أيام الآحاد. فإذا وفدت الزوجات على باريس أو فرساي تركن وراء ظهورهن ذلك المعيار الخلقي المنافق، الذي حاول أن يحمي ميراث الأملاك بجعل خيانة الزوجة لزوجها جريمة أخط كثيراً من خيانة الزوج لزوجته، هناك كانت الزوجة التي تقصر وصالها على زوجها تعد من الطراز القديم، وهناك نافست النساء الرجال في ربط الروابط وفكها. وكان الزواج يقبل للحفاظ على الأسرة، وأملاكها، واسمها، أما بعد هذا فلا يطالب عرف العصر والطبقة لا الزوج ولا الزوجة بالوفاء (٦٠). لقد كان الزواج في العصور الوسطى يعتمد عليه في أن يقود إلى الحب، أما الآن فنادراً ما كان